المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : الناشئة والتلفزيون إشكالية العلاقة والأثر



ابوالبراء
22-10-2010, 01: PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يجمع الكثير من الباحثين والمتخصصين في العلوم الاجتماعية بعامة وعلم الإعلام بصفة خاصة على أن سمة العصر الذي نعيشه أنه عصر الإعلام والمعلوماتية، فلقد ملأت وسائل الإعلام المختلفة حياة الناس، وبات الإنسان يتنفس هواء الرسائل الإعلامية بكرة وعشياً، وليس في مجتمعات معنية دون غيرها، ولا لبيئات محددة دون سواها، بل إن ذلك قاسم مشترك بين المجتمعات كلها على اختلاف يسير في نسبة التعرض للرسائل الإعلامية بحسب تقدم المجتمعات أو تخلفها.

ولئن كان تعرض الأفراد لوسائل الإعلام يتفاوت بحسب طبيعة الوسيلة الإعلامية وسماتها وخصائصها فإن المتخصصين في الإعلام يجمعون على أن التلفزيون يأتي في طليعة الوسائل الإعلامية التي تحظى بقاعدة جماهيرية عريضة بين شرائح المجتمع المختلفة، نظراً للخصائص العديدة التي تميز بها عن باقي الوسائل الإعلامية، والتي تجعل منه عنصر تشويق وجذب لجميع الأفراد على اختلاف أعمارهم وثقافتهم.
ولقد عد الباحثون في علم الاجتماع، والمتخصصون في الإعلام التلفزيون بأنه أحد المصادر الرئيسة في عملية التنشئة الاجتماعية، باعتبار أن الإعلام يمثل أهم مؤسسات هذه التنشئة ومن ثم التركيز على هذه الوسيلة المؤثرة بوصفها أهم القنوات الإعلامية الأكثر تعرضاً من الناشئة ولذلك أصبحت إشكالية العلاقة بين التلفزيون وطبيعة التنشئة الاجتماعية القضية الرئيسة التي تناولتها معظم بحوث التأثير في الدراسات الإعلامية.
هذه المقالة ليس من شأنها البحث في جميع وسائل الإعلام المختلفة وتأثيرها على الناشئة سلباً أو إيجابياً، فذلك محله الكتب والدراسات العلمية المتخصصة، وإنما سنقصر الحديث عن التلفزيون باعتباره أحد أهم هذه الوسائل في التأثير على النشء المسلم من خلال الإجابة على ثلاثة تساؤلات رئيسية هي:
- ما هو واقع الإعلام التلفزيوني اليوم ؟
- ما موقف الأسرة المسلمة من هذا الواقع ؟ وكيف يتم التعامل مع هذه الوسيلة بما يكفل حماية النشء من مضامينها المتعددة ؟
- ما البدائل المطروحة لهذه الوسيلة ؟ وكيف تتكامل الوسائل الإعلامية الأخرى في إيجاد البديل المناسب ؟
واقع الإعلام التلفزيوني
الإعلام التلفزيوني يعاني اليوم من إشكالية الوقوع بين ملكية حكومية لم تدرك بعد أبعاد الرسالة التلفزيونية وتأثيرها، وبين ملكية خاصة أساءت استخدام هذه الوسيلة، وبات النشء المسلم تائها في منتصف الطريق بين إعلام حكومي رتيب تنقصه الكوادر العلمية والمهنية المتخصصة وبين إعلام القطاع الخاص الذي شطح بهذه الوسيلة عن طريقها الأمثل، وطبعها بطابع الربحية التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.
القنوات التلفزيونية الرسمية في العالم العربي والإسلامي ارتضت لنفسها أن تقبع في الصفوف الخلفية في سباق التنافس الإعلامي المحموم. وقد تأهلت لهذا المكان المتأخر للأسباب التالية:
1- ضعف الإمكانات المادية التي تحظى بها ميزانية هذا القطاع إذ تتعامل معها حكومات العالم العربي والإسلامي على أنها مؤسسات حكومية مثلها مثل وزارات النقل والمواصلات والزراعة والبلديات وغيرها. بغض النظر عن أهميتها وتأثيرها.
2- نتج عن ذلك قلة الكوادر العلمية المتخصصة التي تسهم في التخطيط للبرامج التلفزيونية وإعدادها والمشاركة في تقديمها بما يحقق أهداف المجتمع.
3- وأدى ذلك أيضا إلى جمود حركة التحديث التقني في أجهزة الإرسال والاستقبال والإنتاج والإخراج البرامجي مما غيب عنصر التشويق في البرامج التلفزيونية، وجعلها رتيبة تبعث على السأم والملل الذي يؤدي إلى الانصراف الكلي أو الجزئي عن مضمون الرسالة التلفزيونية.
هذه الأسباب الثلاثة الرئيسة جعلت الكثير ممن يملك أجهزة التلفاز يبحث عن بديل تلفزيوني آخر، فما هو ذلك البديل ؟
إنه إعلام " القطاع الخاص " إعلام القنوات الفضائية التي ملأت الفضاء وسدت الأفق وتخطت حوافز الجغرافيا لتتسلل بهدوء إلى غرف النوم التي كانت تمثل الملجأ الآمن للناشئة في وقت مضى.
والناشئة وهم يتنقلون بين الإعلام الرسمي وإعلام رجال الأعمال كالمستجير من الرمضاء بالنار، إعلام القطاع الخاص وهو في طبيعته تلفزيوني بالدرجة الأولى الذي هو استثمار للعقول ولكن بمنطق الربح والخسارة وهي اللغة التي يفهمها رجال الأعمال إعلام النزعة الربحية التي أثرت في مضمونه وتوجهاته إذ دخل بابه تجار يتعاملون بلغة الدولار والدرهم على حساب المبدأ والقضية وتلاشت كل وظائف الإعلام وغابت أو غيبت ولم يبق منها إلا وظيفة الترفيه بكل صورها وأشكالها.
ليس من شأننا أن نستعرض هنا أوجه التأثير السلبي الذي تفيض به برامج القنوات الفضائية وعلاقتها بالتسطيح العقلي والثقافي أو تهميش عقلية النشء المسلم وإضعافها ولكننا نقرر واقعاً فرضه علينا رجال الأعمال وجعلوه بديلاً للإعلام الرسمي الذي لا يريد أن يتطور ولا أن يؤدي وظيفته في المجتمع.
موقف الأسرة من واقع التلفزيون:
أما وقد عرضنا الحالة التي يعيشها التلفزيون في البيئتين الحكومية والخاصة، أخذنا في الاعتبار الآثار الإيجابية المختلفة للتلفزيون الحكومي بحكم ارتباطه العام بالأسس الدينية والثقافية في المجتمع وانطلاقاً من الحقيقة التي تقول إن الرسالة التلفزيونية باتت أمراً لا يستطيع البيت المسلم الفكاك منه في الغالب وانسجاماً مع القاعدة الشرعية التي تدعو إلى الأخذ بأخف الضررين ( عند الضرورة ) فإني أرى الاقتصار على التلفزيون الحكومي كقناة إعلامية تعليمية وتثقيفية شاملة، مستصحبين في ذلك عدداً من الضوابط منها:
1- أن يكون تعرض الناشئة لهذه القناة الإعلامية تحت إشراف مباشر من الوالدين أو أحدهما، وذلك لتبصير الأولاد بالجوانب المفيدة فيه، والاستغناء عما ليس فيه فائدة.
2- تنمية مهارة النقد لدي الناشئة النقد المبني على تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه. بحيث لا يكون الأولاد مستهلكين للمادة الإعلامية على علاتها.
وهذا النقد من شأنه أن يفرق به النشء بين ما هو نافع وما هو ضار، بين ما هو منسجم مع العقيدة والشريعة وبين ما هو مخالف لها وبخاصة في أمور الحياة اليومية والتأكيد على أن ما يعرض في التلفزيون لا يعكس الواقع الذي ينبغي أن يكون.
البديل التكامل مع الوسائل الأخرى:
في ضوء الصورة القائمة التي يعكسها واقع التلفزيون وتزايد تأثيره بين الفئات الناشئة من الجنسين، وتعرض الكثير منهم لآثر التلفزيون بطريقة مباشرة وغير مباشرة وفي ضوء الانفتاح الإعلامي وأبوابه المشرعة، وتحت وطأة الواقع الاجتماعي الذي يعكس تدافع الأسر نحو قنوات التلفزة المختلفة مع إهمال واضح من الوالدين في كيفية التعامل الأمثل مع هذه القنوات يتنادى الغيورون على مستقبل أبنائهم وبناتهم في البحث عن مخرج لهذه الأزمة الاجتماعية التي فرضت عليهم ويتساءل المصلحون عن البديل المناسب لهذا التدفق الهائل من الرسائل الإعلامية التلفزيونية. إن مجرد البحث عن بديل هو اختيار صعب لا يقدر عليه إلا أهل الإرادة وأولوا العزم.
هذا الصنف من الأباء والأمهات هم الذين يدركون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " والذين يعون أن تربية أولادهم أمانة في أعناقهم، ويخشون أن يموت الواحد منهم وهو غاش لرعيته، ومفرط في مسؤوليته.
إن إدراك هذا البعد الإيماني هو المنطلق الأساس في إقامة المعادلة السلمية والصحيحة بين مراقبة الأولاد ومنحهم الثقة في التعرض للرسائل الإعلامية التي تقذف بها شاشات التلفزيون صباحاً ومساًء.
هذا التعرض الإعلامي للمضامين التلفزيونية ينبغي أن يكون مستمداً من الموقف الذي حددنا آنفاً وهو إقناع الناشئة بالاقتصار على التلفزيون الحكومي إن كان الأمر يفرض ضرورة الاختيار بين نوعين من التلفزيون.
ومع أن هذا الاختيار في نظري هو أخف الضررين إلا أن هناك ثلاثة شروط رئيسة له لابد أن تضبط عملية تعرض الناشئة لهذا النوع من التلفزيون.:
1- إقناع الأولاد بأن ما يعرض في التلفزيون ليس خيراً كله ففيه ما هو مفيد وفيه ما هم متحقق الضرر، وهي الحجة التي يواجه بها الأولاد قرناءهم في المدرسة والمجتمع.
2- أن لا يتخلى الوالدان عن مسئوليتهما في حجب الأولاد عن البرامج التي تؤثر سلباً على هويتهم وبنائهم الديني والاجتماعي ومنعهم من مشاهداتها بالطريقة التي تناسب الفئة العمرية للأولاد.
3- الحرص على التعريف بالبرامج الدينية والثقافية والتعليمية والتربوية الهادفة وما يخالفها من البرامج التي تسيء إلى الفطرة وتتنافى مع القيم والسلوكيات والأعراف السائدة في المجتمع.
ولا شك أن هذا الخيار الصعب الذي يستلزم أيضاً مراقبة دائمة سيترك فراغاً زمنياً ونفسياً واجتماعياً لدى الناشئة.
فالفراغ الزمني يجعل الوالدين يبحثان عن بديل لملء أوقات الفراغ التي قد يعاني منها الناشئة في ظل حجب الوسيلة التلفزيونية عنهم، وهنا تبرز أهمية أن تتكامل وسائل الإعلام الأخرى في ملء هذا الفراغ، وهي مسؤولية الوالدين بالدرجة الأولى فعليهم تعويض أولادهم بوسائل أخرى مفيدة مثل الكتب المجلات الإسلامية الهادفة، والأشرطة المرئية التي تنتجها المؤسسات الإعلامية الخاصة.
أما الفراغ النفسي والاجتماعي ( وهو ما يسميه المختصون في علم الاجتماع بالعزلة الاجتماعية ) التي قد يحدثها حجب الناشئة عن التلفزيون بقنواته المختلفة فيمكن تعويضها بالتربية الإسلامية الصحيحة التي ستؤثر حتماً على نظرتهم لهذه الوسيلة الإعلامية، وتبني الثقة في شخصيتهم التي ستؤدي إلى ردم الفجوة النفسية التي ربما تحدث بسبب حجب الناشئة عن هذه الوسيلة.
وبعد: ربما يكون في هذا الطرح جمود لا يتفق معي فيه كثير من الناس ولكنه رأي متخصص درس وبحث وجرب فوجد أن هذا الخيار هو الأمثل لبناء جيل مسلم كما يريده الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغض النظر عن مصطلحات الانفتاح والتنوير والعصرانية، والعولمة والقرية الكونية، وغيرها من المصطلحات التي تريد لهذه الأمة أن تكون أسيرة المفاهيم المادية والاستهلاكية على حساب الغاية التي من أجلها خلق الله العباد.

البرضاوي
22-10-2010, 04: PM
الله يحفظ شباب المسلمين ويثبتهم على دينه واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
فهناك كثير من المؤثرات على الناشئه في زمن العولمه والفضائيات

الفيصل,
22-10-2010, 05: PM
ابو البراء

بارك الله فيك ونفع الله بطرحك القيم !!

الرحال
22-10-2010, 07: PM
الله يحفظ شباب المسلمين ويثبتهم على دينه الصحيح ويبعدهم عن التشدد والتكفير

لشعيبي
22-10-2010, 09: PM
الله يحفظ شباب المسلمين ويثبتهم على دينه الصحيح ويبعدهم عن التشدد والتكفير

أبو صقر
22-10-2010, 09: PM
موضوع قيم بارك الله فيك ......

أبو زياد
23-10-2010, 07: AM
الله يحفظ شباب المسلمين ويثبتهم على دينه واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم

المغريات كثيره نسال الله الثبات

ابونوف الحربي
23-10-2010, 08: AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الشاعر محمد الحربي
23-10-2010, 09: AM
موضوع اكثرمن رائع بارك الله فيك