المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : سبقنا الى الله غيرنا



راجي عفو ربه
12-11-2013, 09: PM
🌟 سبقنا إلى الله غيرنا....






قال اﻹمام الزاهد الورع عبد الله بن المبارك - رحمه الله ورضي عنه - : قدمت مكة فإذا الناس قَدْ قحطوا من المطر وهم يستسقون فِي المسجد الحرام ، وكنت فِي الناس مما يلي باب بْني شيبة ، إذ أقبل غلام أسود عليه قطعتا خيش ، قَدِ ائتزر بإحداهما، وألقى الأخرى عَلَى عاتقه ، فصار فِي موضع خفي إِلَى جانبي ، فسمعته يَقُول :


{ إلهي أخلقت الوجوهَ كثرةُ الذنوب ومساوئ الأعمال ، وقد منعتنا غيث السماء لتؤدِّب الخليفة بذلك ، فأسألك يا حليماً ذا أناة ، يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل، اسقهم الساعة الساعة . }


قَالَ ابْن المبارك : فلم يزل يَقُول الساعة الساعة ... حَتَّى استوت بالغمام ، وأقبل المطر من كل مكان، وجلس مكانه يسبّح، وأخذت أبكي، فلما قام تبعته حَتَّى عرفت موضعه، فجئت إِلَى فضيل بن عياض،
فقال لي : ما لي أأراك كئيبا؟


فقلت: سبقنا إِلَى اللَّه غيرنا، فتولاه دوننا !
قَالَ : وما ذاك؟ فقصصت عليه القصة ، فصاح وسقط وَقَالَ : ويحك يا ابْن المبارك خذني إِلَيْهِ !


قلتُ : قَدْ ضاق الوقت ، وسأبحث عَنْ شأنه .


فلما كَانَ من الغد صليت الغداة ، وخرجت إِلَى الموضع فإذا شيخ عَلَى الباب قَدْ بسط لَهُ وَهُوَ جالس ، فلما رآني عرفني وَقَالَ: مرحبا بك يا أبا عَبْدالرحمن، حاجتك ؟


فقلت له : احتجت إِلَى غلام أسود.


فَقَالَ: نعم عندي عدة ، فاختر أيهم شئت؟


فصاح يا غلام ، فخرج غلام جلد، فَقَالَ : هَذَا محمود العاقبة، أرضاه لك، فقلتُ : ليس هَذَا حاجتي، فما زال يخرج إلي واحداً واحداً حَتَّى أخرج إلي الغلام ، فلما أبصرت به بدرت عيناي فَقَالَ : هَذَا هو؟


قلتُ : نعم، فَقَالَ ليس إِلَى بيعه سبيل .


قلتُ : ولم؟


قَالَ : قَدْ تبركت لموضعه فِي هَذِهِ الدار وذاك أنه لا يزرأني شيئا .


قلت : ومن أين طعامه؟


قَالَ: يكسب من قبل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر فهو قوته ، فإن باعه فِي يومه وإلا طوى ذلك اليوم.


وأخبرني الغلمان عنه أنه لا ينام هَذَا الليل الطويل ، ولا يختلط بأحد منهم مشغول بْنفسه، وقد أحبه قلبي


فقلت لَهُ : أنصرف إِلَى سفيان الثوري وإلى فضيل بْن عياض بغير قضاء حاجة؟


فَقَالَ : إن ممشاك عندي كبير، خذه بما شئت.


قال : فاشتريته وأخذته نحو دار فضيل، فمشيت ساعة


فَقَالَ لي : يا مولاي !


قلتُ : لبيك، قَالَ : لا تقل لي لبيك، فإن العبد أولى أن يلبي المولى


قلتُ : حاجتك يا حبيبي .


قَالَ : أنا ضعيف البدن، لا أطيق الخدمة، وقد كَانَ لك فِي غيري سعة، قَدْ أخرج إليك من هو أجلد مني


فقلت : لا يراني اللَّه وأنا أستخدمك، ولكني أشتري لك منزلاً وأزوجك وأخدمك أنا بْنفسي


قَالَ : فبكى،


فقلتُ : مَا يبكيك؟


قَالَ : أنتَ لمْ تفعل فِيَّ هَذَا إلا وقد رأيت بعض متصلاتي باللَّه تعالى، وإلا فلمَ اخترتني من بين الغلمان؟


فقلت لَهُ : ليس بك حاجة إِلَى هَذَا، فَقَالَ لي : سألتك باللَّه إلّا أخبرتني


فقلت : بإجابة دعوتك


فَقَالَ لي : إني أحسبك -إن شاء اللَّه- رجلا صالحاً، إن للَّه -عزَّ وجلَّ- خيرة من خلقه لا يكشف شأنهم إلا لمن أحب من عباده ولا يظهر عليهم إلا من ارتضى، ثُمَّ قَالَ لي : ترى أن تقف عليّ قليلاً ، فإنه قَدْ بقيت علي ركعات من البارحة.


قلت : هَذَا منزل فضيل قريب.


قَالَ : لا ، هاهنا أحب إلي أمر اللَّه -عزَّ وجلَّ- لا يؤخر فدخل من باب الباعة إلى المسجد ، فما زال يصلي حَتَّى إذا أتى عَلَى مَا أراد التفت إلي فَقَالَ : يا أبا عبد الرحمن، هل من حاجة؟


قلت : ولم؟


قَالَ : لأني أريد الانصراف


قلت : إِلَى أين؟


قَالَ : إِلَى الآخرة.


قلت : لا تفعل، دعني أسر بك.


فَقَالَ لي ؛ إنما كانت تطيب الحياة حيث كانت المعاملة بيني وبينه تعالى فأما إذا اطلعت عَلَيْهَا أنت فسيطلع عَلَيْهَا غيرك فلا حاجة لي فِي ذلك، ثُمَّ خر لوجهه، فجعل يَقُول : إلهي اقبضني إليك الساعة الساعة !!
فدنوت منه فإذا هو قد مات ، فو الله مَا ذكرته قط إلّا طال حزني وصغرت الدنيا في عيني)).
======
المصدر: (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) لابن الجوزي (8/ 223-225)، دار الكتب العلمية، بيروت.‎ ‎ع. ز
منقول

المهند
12-11-2013, 10: PM
شكرا جزيلا..........

المساعد
12-11-2013, 11: PM
بالتوفيق دائما ان شاء الله

ابونايف
12-11-2013, 11: PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

المراسل
12-11-2013, 11: PM
دمت بود اخي الكريم

المروعي
13-11-2013, 08: AM
جزاك الله خير.......

الزير
13-11-2013, 08: AM
دمت بود اخي الفاضل

المهابي
13-11-2013, 09: AM
يعطيك لعافيه اخي...........

المهري
13-11-2013, 09: AM
دمت سالما ومعافى.........

السوادي
13-11-2013, 09: PM
عساك على القوووه.......

راجي عفو ربه
13-11-2013, 10: PM
يعطيكم العافيه جميعاً وبارك الله فيكم ع تواصلكم الكريم