المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : قوانين المجتمع وابن الخطاب!!



الربعي
04-03-2014, 12: PM
** كان يخرج ليلاً في شوارع المدينة وأزقة الحواري، لا ليتلصص على رعيته، ولكن ليتفقد حالها.. ذات مساء، إذ بأعرابية تناجي زوجها الغائب وتنشد في ذكراه شعراً: (تطاول هذا الليل واسودَّ جانبه، وأرقني إذ لا حبيب ألاعبه
فلولا الذي فوق السماوات عرشه، لزعزع من هذا السرير جوانبه) .. فيقترب أمير المؤمنين ويسترق السمع، ثم يسألها من خلف الدار: ما بك يا أختاه ؟ .. فترد الأعرابية: لقد ذهب زوجي إلى ساحات القتال منذ أشهر، وإني أشتاق إليه .. فيرجع أمير المؤمنين الى دار ابنته حفصة رضي الله عنها ويسألها: كم تشتاق المرأة إلى زوجها ؟ .. وتستحى الابنة من أبيها وتخفض رأسها، فيخاطبها متوسلاً: إن الله لا يستحي من الحق، ولولا أنه شيء أريد أن أنظر به في أمر الرعية لما سألتك .. فتجيب الابنة: أربعة أشهر أو خمسة أو ستة .. ويعود الفاروق إلى داره، ويكتب لأمراء الجيش (لا تحبسوا الجيوش فوق أربعة أشهر) .. ويصبح الأمر قانوناً يحفظ للمرأة أهم حقوقها .. تابع مسار القانون .. لم يصغه الجهاز التنفيذي للدولة، بل صاغه المجتمع (الأعرابية وحفصة)، واعتمده الجهاز التنفيذي للدولة، لينظم به المجتمع .. هكذا تشكَّل ( قانون المرأة)!!

** والفاروق نفسه - رضي الله عنه وأرضاه - يواصل التجوال المسائي، متفقداً وليس متلصصاً، وإذ بطفل يصدر أنيناً حزيناً، فيقترب من الدار ويسأل عما به، فترد أم الطفل: (إني أفطمه يا أمير المؤمنين) .. حَدثٌ طبيعي، أُم تفطم طفلها ولذا يصرخ، ولكن أمير المؤمنين لا يمضى إلى حال سبيله .. بل يحاور أُم الطفل ويكتشف أن الأم فطمت طفلها قبل موعد الفطام لحاجتها لمئة درهمٍ كان يصرفها بيت مال المسلمين لكل طفل بعد الفطام .. يرجع الفاروق إلى منزله، لا لينام، إذ أنين ذاك الطفل لم يبارح عقله وقلبه، فيصدر أمراً (بصرف مئة الدراهم للطفل منذ الولادة، وليس بعد الفطام) .. ويصبح الأمر قانوناً يحفظ حقوق الأطفال ويحميهم من مخاطر الفطام المبكر .. لو لم يحاور الفاروق تلك المرأة لما أصدر قانوناً يحمي حق الطفل في الرضاعة الكاملة .. وهكذا تشكَّل (قانون الطفل)!!

** وكان الفاروق يحب أخاه زيداً، وكان زيد هذا قد قُتل في حروب الردة .. ذات نهار، بسوق المدينة، يلتقي الفاروق - وجهاً لوجه - بقاتل زيد، وكان قد أسلم وصار فرداً في رعيته .. يخاطبه الفاروق غاضباً: (والله إني لا أحبك حتى تحب الأرض الدم المسفوح) .. فيسأله الأعرابي متوجساً: (وهل سينقص ذاك من حقوقي يا أمير المؤمنين ؟)، ويُطمئنه أمير المؤمنين: ( لا)، فيغادره الأعرابي بمنتهى اللامبالاة قائلاً: (إنما تأسى على الحب النساء) .. أي مالي أنا وحبك، إذ ليس بيني وبينك غير (الحقوق والواجب) .. لم يغضب أمير المؤمنين، ولم يزج به في السجن، بل كظم غضبه على جرأة الأعرابي وسخريته، وواصل التجوال .. لم يفعل ذلك إلا إيماناً بحق هذا الأعرابي في التعبير.. وبكظم الغضب وهو في قمة السلطة، وبفضل شجاعة هذا الأعرابي، تشكَّل في المجتمع (قانون حرية التعبير)!!

** ثم امرأة كانت تلك التي جردته ذات جمعة من لقب أمير المؤمنين، حين قالت: (أخطأت يا عمر) .. وكانت هذه بمثابة نقطة نظام امرأة من عامة الناس ترفض قانون المهر الذي صاغه الفاروق عمر.. لم يكابر أمير المؤمنين، ولم يزج بالمرأة في السجون ولم يأمر بجلدها، بل اعترف بالخطأ بالنص الصريح: (أخطأ عمر وأصابت امرأة)، ثم سحب قانونه، وترك للمجتمع أمر تحديد المهور حسب الاستطاعة .. هكذا تُصنع القوانين، أي حسب غايات المجتمع وطموحاته وثقافاته، وذلك بالغوص في قاع المجتمع المستهدف بتلك القوانين .. فالمجتمع هو مصدر القوانين، وليس السلطة .. لم تتغير الناس ولا الحياة، ولكن ليس في القوم (عمر)!!.

شامان
04-03-2014, 01: PM
رضي الله عنك يا عمر

المنادي
04-03-2014, 02: PM
جزاك الله خير..........

الحارس
04-03-2014, 02: PM
دمت بووود.........

المهندي
04-03-2014, 05: PM
شكرا على الموضوع

المهند
05-03-2014, 04: AM
عساك على القووه

المراسل
05-03-2014, 11: AM
يعطيك العافيه........

السعودي
05-03-2014, 12: PM
شكرا جزيلا على الموضووع

الزير
05-03-2014, 12: PM
دمت بووود.........

ابوذاكر
05-03-2014, 03: PM
عساك عالقوه اخي العزيز

أبو صقر
06-03-2014, 05: AM
بورك فيك أخي الكريم.

ابونايف
06-03-2014, 05: PM
يعطيك العافية .......

العامر
10-03-2014, 03: AM
باااارك الله في جهدك......