المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : مينـاء الـوطن



الكناني
16-07-2008, 11: PM
بيوتها المشيدة من الملح تنتظر عودة الحياة اليها
مينـاء الـوطن.. أطلقه الملك عبدالعزيز على القنفذة بعد دخولها تحت حكمه

جولة: أحمد علي الكناني تصوير: عبدالرحمن حلواني
تقف على كتف البحر في ميناء القنفذة وانت تطالع في كتاب التاريخ, تستحضر روح الميناء القديم ومشاهد السفن القادمة من القرن الافريقي ومصر والهند وجنوب الجزيرة العربية حيث كان ميناء القنفذة منفذاً لاستقبال وتوريد البضائع ومحطة لرسو سفن الحجاج ولازالت المنازل القديمة المشيدة من «ملح» البحر وطبقات الطين المكسوة بالكلس تقف شامخة وتنتظر اعادة الحياة اليها بعد عقود من النسيان بعد ان فقد الميناء خصوصيته واصبح مجرد اطلالة على البحر يستقبل «سنابيك» صائدي الاسماك في رحلات الذهاب إلى الصيد والعودة منها . عندما اقتربت من حوض الميناء شعرت في البداية برهبة ورعشة فالمكان في كثير من الاحيان يبدو موحشاً يستلقى على ايقاع الموج والرياح العابثة بمراكب الصيد.وبعد كل هذا التاريخ الطويل من الحروب والصراعات كيف كانت بدايات خروج القنفذة عن التبعية لشريف مكة واستقبالها للعهد السعودي الزاهر ؟
يقول الباحث الشريف الشيخ يحيى ابراهيم العجلاني:
قبل الدخول في هذا الأمر يحسن بنا ان نشير إلى بداية خروج الحجاز بصفة عامة من تبعيتها للدولة العثمانية وماهي الإرهاصات التي ادت إلى ذلك والتي اشرنا إلى بعضها اثناء الحديث عن اعلان الحسين للثورة ضد الدولة العثمانية ونريد هنا ان نوجز القول في ذلك حتى نصل إلى النقطة التي نربط من خلالها دخول القنفذة تحت سلطة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.. فنقول:
دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى ضد بريطانيا والحلفاء ولما كانت الولايات العربية تشكل قلب الدولة العثمانية وكان الاتفاق الاساسي يدور حولها وهو ما تجلى في معاهدة سايكس – بيكو - وكان من غير الممكن تنفيذ تلك الاتفاقية الا بعد ان تتم هزيمة تركيا من الناحية العسكرية لذلك تمت اتفاقات مع بعض زعماء العرب وهو ما تطور إلى اتفاق الحسين ومكماهون خلال الرسائل المتبادلة بينهما.وبعض المصادر تشير إلى ان بريطانيا قد تجنبت الدخول في مشروعات دولية لتصفية الدولة العثمانية فأخذت تشجع الشخصيات العربية كانت مناهضة للاتحاديين في تركيا واصبحت القاهرة مركزا لذلك النشاط الذي تبلور اثناء الحرب في شخصية الشريف الحسين بإعلانه الثورة ضد تركيا.
ولكن حدثت الطامة الكبرى عندما فوجئ الجميع بركل بعض الضباط الانجليز لقبر صلاح الدين الايوبي في القدس معلنين ان هذه هي آخر الحروب الصليبية وبارتفاع علمي بريطانيا وفرنسا على المناطق التي قاتل فيها العرب وعند هذه النقطة بالذات حلت الكارثة على الامة العربية وخيمت عليهم سحابة عظيمة من خيبة الأمل في بريطانيا وحليفاتها .. وأنتقل مباشرة إلى ضم السلطان (الملك) عبد العزيز رحمه الله للحجاز بعد ان تيقن تيقنا تاما بأن الحسين لم يكن الا لعبة مؤقته بيد بريطانيا ثم دخول القنفذة في العهد السعودي وهو الذي أسعى إليه هنا.
القنفذة في العهد السعودي
عندما منع الشريف حسين أهل نجد من الحج لأسباب سياسية قرر الملك عبدالعزيز دخول مكة للحج ولو بالقوة وتم ذلك وتنازل الملك حسين عن الملك لأكبر انجاله الملك علي الذي انتقل إلى جدة وحاصره الملك عبدالعزيز وأقام معسكرا لذلك الغرض في ابرق الرغامة شرق جدة إلى ان سلم الملك علي جدة وتنازل عن الملك ورحل بعد ان ضمن الملك عبدالعزيز سلامة حقوق أملاك الاشراف الخاصة في مكة ووقع الجانبان بنود الاتفاق.في هذه الأثناء كان الملك عبد العزيز يدرك اهمية ميناء القنفذة فارسل "رحمه الله" وفدا من عسير برئاسة محمد بن عجاج وتركي بن ماضي لإستلام ميناء القنفذة فأصبح ميناء القنفذة ميناءً سعوديا في 14/ 7 /1343هـ وفي نفس الوقت طلب الملك عبدالعزيز ارسال المواد الغذائية من ميناء القنفذة للجيش السعودي الذي يحاصر جدة وقال الملك عبدالعزيز كلمته الشهيرة «ميناء القنفذة هو ميناء الوطن» وقد كان يوجد في ميناء القنفذة اكبر اسطول تجاري يبلغ عدد سفنه 12 سفينة تجارية تقدر حمولة الواحدة منها بألف طرد من المنتوجات المحلية.الباحث التاريخي والمؤرخ الشيخ حسن بن إبراهيم الفقيه عميد كلية المعلمين سابقاً من الذين عاصروا الميناء ونشاطه قبل أكثر من 50 عاماً، عرض لـ"عكاظ" وثيقتين هامتين تعودان لعام 1343هـ في عهد الملك عبدالعزيز "رحمه الله".
الوثيقة الأولى
وهي الموجهة من الملك عبدالعزيز يرحمه الله إلى حضرة صاحب الفخامة والاحترام حاكم عدن لحكومة صاحب الجلالة البريطانية العظمى دامت معالين في 16شوال 1343هـ تطرقت إلى ان ميناء محافظة القنفذة قد تم تجهيزه لاستقبال الحجاج انذاك وجاء فيها:« أهدي حضرتكم مزيد التحية والاحترام. أخبر حضرتكم بأنه قد سبق وأظهرنا لسعادتكم رغبتنا الأكيدة لقبول من يفد على هذه البلاد من حجاج بيت الله الحرام في الموانئ التي تحت إدارتنا. ورجوناكم آنئذ أن تتفضلوا بإبلاغ من يهمه الأمر وأن تتوسطوا بإيصال الخبر لحكومة الهند. هذا وفي الوقت نفسه نخبر سعادتكم أنه قد تم الاستحضار اللازم في ميناءي القنفذة والليث من احضار الزوارق والسنابيك وما يضمن راحة النازلين إلى البر من أسباب السكنى ووسائط النقل إلى مكة المكرمة..».
الوثيقة الثانية
وجاءت الوثيقة الثانية التي ارسلها الملك عبدالعزيز "رحمه الله" في عهد السلطنة النجدية وملحقاتها بتاريخ 16 شوال 1343هـ إلى حضرة المكرم السيد شوكة علي، رئيس جمعية الخلافة الموفقة في بمبي المحترم:«.. عليه أزيدكم بأن المواني الآنف ذكرها وخصوصاً ميناءي القنفذة والليث في الوقت الحاضر على اتم الاستعداد لقبول ما ينزل فيهما من الحجاج وقد توفرت في هذين الميناءين جميع ما يحتاج إليه الحاج من الوسائط الضرورية كوفرة الزوارق والسنابيك في الميناء وما يمكن حصوله من وسائط النقل من هذين الميناءين إلى مكة المكرمة من الجمال والدواب وغيرهما..».وقال الشيخ الفقيه عن الوثيقتين انهما تدلان على أهمية ميناءي القنفذة والليث من حيث الموقع الاستراتيجي لمدن الحجاز خاصة مكة المكرمة وجدة حيث توفرت في ذلك الزمن الوسائط النقلية البرية من دواب وجمال وغيرها.. اضافة إلى المواد الغذائية والسكن وسيادة الأمن والهدوء والسكينة.
مقصد التجار
ويضيف المؤرخ الفقيه: هناك الجزر المتناثرة على ساحل البحر الأحمر للقنفذة وهي من أهم المواقع الأثرية المهمة ولها دور فعال في العصور الماضية،منها، "جزيرة البلم" وبقربها الشديد من الجزء المقابل من ساحل البحر الأحمر، حيث تقع مدينة القنفذة عند المصب الرئيسي لوادي "قنونا"، ولن يخالجك شك في أن المرسى الواقع بين هذه الجزيرة والساحل المذكور لافت لأنظار رواد البحر وسكان البرية الذين تقرب ديارهم من المصب المتميز ونظراً لأهمية الموقع والمرسى وتفرده بهذه الخاصية الجغرافية التي تجعل من تلك الجزيرة والشعب المرجانية المتصلة بها شمالاً وجنوباً مرسى طبيعياً هادئاً لا يكاد يضارعه مرسى آخر، ولقربه من ساحل البحر شمالاً وجنوباً قصده الناس خلال رحلاتهم للتجارة أو الصيد، واقتضى ذلك تقديم خدمات من سكان البرية مثل الحبوب والحطب والأغنام وغيرها، كما أنهم يبتاعون من أرباب السفن ما يجلبونه من الميرة وأنواع السلع الأخرى التي يحملونها من موانئ إفريقية وآسيوية.
هجرات سكانية
ومن هنا تظهر لنا بدايات عمرانية قامت بجوار هذا المرسى وتطورت من خلال هجرات سكانية إليها حتى أصبحت مدينة بحرية تقوم حياتها على نشاط هذا المرسى السهلي والجبلي، ولا يبعد أن يكون هذا المرسى الطبيعي قد عرف وتم ارتياده منذ أزمنة بعيدة قد تعود لما قبل الميلاد، كما تشتهر بالتلال الجبلية التهامية، التي كان سكانها يعملون باستخلاص معدن الذهـب. ويقومون ببيــع ما يستخرجونه لمرتادي المراسي البحرية المقابلة لتلك التلال، ويؤكد ذلك أن هذا المكان يقع في نطاق المنطقة التي تسمى "عفير" التي كانت معروفة بوجود التبر (معدن الذهب)، مؤكداً أن الناس كانوا يقومون فيها باستخلاص الذهب، وأن رحلات السفن العبرانية والفينيقية والآشورية كانت تجوب سواحل البحر الأحمر لاكتشاف وشراء هذا المعدن، الذي كان بكميات منه تذهل العقل، اضافة إلى أن منطقة "عفير" هي تلك التي تقع بين (القنفذة ومرسى حلج وحلي) أو أنها تلك التي بين "القنفذة وعتود" وتستند هذه المعلومات إلى المؤلفات اليونانية القديمة والكتب العربية، وتجدر الإشارة إلى أن المؤلفات العربية تحدثت عن (معدن ذهب عشم)، و(معدن ذهب ضنكان)، والموقعان يقعان ما بين (القنفذة وحلي وعتود) وهما من أشهر معادن جنوب غرب الجزيرة العربية.
رصيف للميناء
في عام 1374هـ بعد وفاة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه قام الملك سعود "رحمه الله" بزيارة لمدينة القنفذة عن طرق البحر وكان من نتائج تلك الزيارة انشاء رصيف لميناء القنفذة لازال قائما إلى اليوم ولكن بسبب اعتماد الاهالي على النقل البري من ميناء جدة قل الاعتماد على ميناء القنفذة واصيب بركود تجاري تام.هذا وقد ورد بأحد اعداد جريدة ام القرى عام 1343هـ ما نصه: "البواخر في القنفذة" وقد قررت الشركة البحرية الهندية ان تعتبر ميناء القنفذة من السواحل التي ترسو فيها سفنها وبالفعل وصل ميناء القنفذة قبل ستة ايام باخرة اسمها – هلال – وانزلت ما يزيد على ثلاثة الاف طرد من مختلف الارزاق والحاجيات وقد سافرت الباخرة من القنفذة إلى السويس وستعود إلى القنفذة حاملة كمية عظيمة من الكاز وسيكون مرور هذه السفن من القنفذة كل خمسة عشر يوما واحدة.
حاصلات الشام واليمن
عبدالرحمن حلواني من اهالي المحافظة و احد المهتمين بتاريخها يقول.. اكتشفت من خلال بحثي المتواصل عن كل ما يهم محافظة القنفذة وتاريخها في العصور الماضية ان ميناء القنفذة كان من الموانئ المهمة على ساحل البحر الأحمر حيث ساهم في استقبال السفن الكبيرة المحملة بحاصلات اليمن والشام. وعن طريقه تم تصدير حاصلات هذه البلاد الوفيرة إلى خارج المنطقة ومدنها المجاورة مثل جدة ومكة المكرمة كما أنه ليس من المستغرب أن يكون هذا الميناء من الموانئ التي كانت ترتادها السفن اليونانية والرومانية للحصول على الذهب الذي يوجد في هذه
المنطقة على بعد 75 كيلاً غرب مرسى حلي.
ميناء حجاج الشرق
أحمد عمر الزيلعي استاذ الاثار بجامعة الملك سعود عضو مجلس ادارة الهيئة العليا للسياحة، يقول «إن القنفذة في بدايات توحيد المملكة كانت ميناء الملك عبد العزيز الأول على ساحل البحر الأحمر، وأخذت الأرزاق والإمدادات تصل إليه، أثناء حصار جدة ».ويشير إلى أن «الحجاج القادمين إلى مكة من شرق العالم أخذوا يصلون إليها عن طريق ميناءي القنفذة والليث»، موضحاً بأن الميناء جهز بكل الإمكانات حتى يستطيع استيعاب القادمين إليه في ذلك الوقت.وأرجع الزيلعي السبب في اندثار وتوقف ميناء القنفذة، الذي كان يعد أهم ميناء لمنطقة عسير والمناطق المجاورة لها، إلى نشاط مدينة جدة ومينائها وسهولة النقل البري بواسطة السيارات بين القنفذة وجدة ، لافتاً إلى «أن استقبال الحجاج وتجارة النقل البحري وصناعة السفن الشراعية توقفت تبعاً لذلك، وأصبحت القنفذة مرتبطة تجارياً بمدينة جدة ».

الرادار
16-07-2008, 11: PM
يعطيك العافية اخي الكناني موضوع مميز واختيار رائع
فشكراً لك من الاعماق لما قمت به
من مجهودات رائعة بارك الله فيك

العيسي
17-07-2008, 02: PM
تاريخ جميل اشكرك على النقل

النبراس
20-07-2008, 04: PM
شكرا لك على المواضيع

الساهر
26-07-2008, 07: PM
موفق أخوي العزيز00يعطيك العافيه

رنين
05-08-2008, 08: PM
تاريخ حلو

الكناني
07-09-2008, 06: AM
اشكركم

المناور
29-05-2010, 11: PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مَـلآك إْلـرُوح
30-05-2010, 12: AM
يعطيك الف عافيه اخي الكريم

أبو زياد
30-05-2010, 08: AM
يعطيك العافية اخي الكناني موضوع مميز

سواح
30-06-2010, 08: PM
بارك الله فيك