المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : سيول جدة: وضعت التأمين بين مطرقة المصداقية وسندان الخسائر



مشني الحربي
16-12-2009, 03: PM
د. عبدالله مرعي بن محفوظ



بصفة عامة وضعت الأمطار شركات التأمين في السعودية أمام اختبار صعب سيظهر مدى ‏قوتها وصمودها تجاه الوفاء بالتزامها.
‏ التأمين في السعودية يعتبر من المجالات الناشئة والتي لازالت بحاجة إلى المزيد من التعريف ‏والتوعية بأهميتها من خلال تفعيل آليات لنشر التوعية التأمينية بين أوساط المجتمع، لأن ‏ضعف الوعي التأميني يؤدي إلى عدم معرفة المواطن بالوسائل التي تحميه من خسائر كان ‏بالإمكان تفاديها من دون تحمل أعبائها، والأهم ابتكار وثائق تأمينية جديدة وبأسعار تأمين ‏موحدة مع تفعيل أنظمة إلزامية لتحقيق عائد اقتصادي للوطن وازدهار لسوق التأمين التعاوني.‏
والتأمين أمامه معوقات متعددة لتعديل أوضاعه الشرعية وحيث قرر مجلس مجمع الفقه ‏الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة في ديسمبر ‏‏1985م، الذي ناقش الدراسات المقدمة حول (التأمين وإعادة التأمين) قرر بأن المبادئ التي ‏يقوم عليها والغايات التي يهدف إليها تثبت بأن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي ‏تتعامل به أغلب شركات التأمين التجاري، عقد فيه غرر كبير ومفسد للعقد، لذا فهو حرام ‏شرعاً وإن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم ‏على أساس التبرع والتعاون وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين ‏التعاوني.‏
هذه الفتوى جعلت نسبة التأمين على الممتلكات في السعودية تسير ببطء شديد ولم تستطع أن ‏تتعدّى حاجز الـ19في المائة حتى عام 2008م، وكذلك بالكاد وصلت إلى 40 في المائة من ‏السيارات المؤمن عليها، ويمثل منها الربع عليها التأمين الشامل وأغلبهم من شركات تأجير ‏السيارات التي تمثل السيارات رأس المال المستثمر وكذلك أصحاب شركات الليموزين والتي ‏تمثل رأس المال المتحرك وكذلك الشركات التي تبيع بنظام التأجير المنتهي بالتمليك وأصحاب ‏الدخل فوق المتوسط والمرتفع، ولعل سيول جدة أظهرت مدى حاجة المؤسسات الفردية ‏وشركات قطاع الأعمال لإصدار أنظمة شرعية تلزمهم بالتأمين التعاوني على الممتلكات ‏والسيارات بدلاً من التعويضات التي طالبوا بها الدولة بعد (سيل الأربعاء).‏ وبصفة عامة فإن حجم سوق التأمين السعودي يشير إلى حدود 12 مليار ريال تقريباً في عام ‏‏2009م، وهو مرشح للنمو خلال عام 2010م نتيجة للأحداث الأخيرة والوعي الشرعي ‏والاجتماعي بأهمية التأمين التعاوني، وفي كل الأحوال ليس هناك خوف على شركات التأمين ‏التجارية ذات الطابع الدولي من التداعيات السلبية أو الخسائر الجسيمة جراء السيول التي حدثت ‏في محافظة جدة أو في الشرقية مؤخراً، لأنها ستكون محدودة ولا تشكل ضغطاً كبيراً على ‏شركات التأمين مهما كان عدد السيارات المتضررة حتى لو وصل العدد إلى 2000 سيارة ‏للشركة الواحدة من شركات التأمين، وذلك بسبب الاتفاقيات المبرمة مع شركات إعادة التأمين ‏الدولية، وكل ما يزيد عن الحد المتفق عليه يصبح من مسؤولية شركات إعادة التأمين.
في هذه المرحلة تأتي مصداقية شركات التأمين التي ترفض الفتاوى الشرعية بالالتزام بالتأمين ‏التعاوني أمام المجتمع السعودي، وكل تصريح متعجل صدر من شركة تأمين ومحاولتها ‏التمسك بفقرة من بنود العقد بأن الفيضانات والكوارث الطبيعية خارجة عن التأمين يضعها على ‏‏(محك) الوفاء ويضعها على (برهان) الالتزام بتحمل الأضرار ، وهو الشعار الذي ترفعه دائماً ‏شركات التأمين ذات الصبغة الغربية أثناء الإعلان أو التعاقد ، لذلك فإن دفاع وتعجل أفراد ‏العلاقات العامة لشركات التأمين أو من احد مسؤوليها بعدم مسؤوليتهم عن دفع الأضرار، جعل ‏المدافعين عن أعمال التأمين التجاري وأهمية تواجدها في السوق المحلي يصابون بدهشة وهم ‏المعتقدون بأنها أول المساهمين برفع الضرر.
وعلى العموم من الناحية القانونية يتمسك المتضررون بأنها أمطار عادية تحولت إلى سيول ‏مضرة بفعل أخطاء بشرية جرفت على إثرها السيارات وأغرقت المنازل ويتمسكون بتصريح ‏خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأن أمطار جدة لا تعد من الكوارث ‏الطبيعية، إضافة الى ذلك أكد الزميل المحامي الدكتور طارق آل إبراهيم عضو مركز القانون ‏والتحكيم رأيه القانوني في جزئية محددة، بأن من حق المشترين لسياراتهم بنظام «الإيجار ‏المنتهي بالتمليك» والذين أتلفت سياراتهم في سيول جدة بأن يرفعوا دعاوى ضد الشركات التي ‏باعتهم السيارات للمطالبة بحقهم في قيمة تعويض التأمين لهم، لأن بند التأمين الشامل موجود ‏في العقد ما بين شركة التأمين ووكالات السيارات والمفترض حصولهم على بوليصة التأمين، ‏وهنا يحق تقسيم قيمة التعويض كنسبة وتناسب بين الشركة وبين المشتري، لأن الشركة هي من ‏تملك السيارة والمشتري هو من يدفع قيمة التأمين.
وقبل الختام قدرت أمانة محافظه جدة حجم تكاليف الأضرار الناجمة عن السيول للمواطنين ‏والمقيمين بأكثر من اثنين مليار ريال تتوزع بين إصلاح وترميم البيوت والمحلات التجارية ‏وقيمة الممتلكات الخاصة إضافة الى قيمة السيارات التالفة والتي جرفتها السيول، وكذلك قدرت ‏مصادر حكومية خسائر الدولة بأكثر من 8 مليارات ريال في تعويضات الوفاة وفي تضرر ‏ميناء جدة الإسلامي وجامعة الملك عبدالعزيز إضافة الى الشوارع ‏والطرقات والإنارة والأرصفة التي امتدت على مساحة 400 كيلومتر مربع تقريباً.‏
ختاماً بصفة عامة وضعت الأمطار شركات التأمين في السعودية أمام اختبار صعب سيظهر ‏مدى قوتها وصمودها تجاه الوفاء بالتزامها، وبصفة خاصة فان أضرار أمطار جدة ستثبت ‏مدى قدرة شركات التأمين التجاري الجديدة على تجاوز الأزمة سواء على المدى المتوسط أو ‏المدى الطويل.

المصدر: صحيفة المدينة، الأربعاء 16 ديسمبر 2009
رابط المقال:
http://al-madina.com/node/206634 (http://al-madina.com/node/206634)

أبو صقر
16-12-2009, 04: PM
ألف شكر أخي مشني الحربي........

مشني الحربي
16-12-2009, 07: PM
ألف شكر أخي مشني الحربي........





مشكور الشاعر

حربية كيووت
16-12-2009, 07: PM
بالفعل اللي حصل لمدينة جدة ليس بالسهل نسأل الله السلامة

بارك الله فيك اخوي ع الموضوع...

مشني الحربي
16-12-2009, 07: PM
بالفعل اللي حصل لمدينة جدة ليس بالسهل نسأل الله السلامة

بارك الله فيك اخوي ع الموضوع...




تواجدك يسعدني