المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : رؤية الهلال وتأكيده من خلال المراصد الفلكية



المهاجر
08-09-2008, 07: AM
أوضح مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن رؤية الهلال وتأكيده من خلال المراصد الفلكية أمر جائز حيث إن العين المجردة والمراصد الفلكية تقوم على الرؤية البصرية، وعند ثبوت رؤيته بإحدى هاتين الوسيلتين سيعلن عن بدء شهر الصوم. وقال إن المملكة بلد إسلامي سائر في أموره كلها على ما يوافق الشرع. وأشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى دعا عموم المسلمين إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك.
وهنأ الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بحلول رمضان داعيا الله أن يعين الجميع على صيامه وقيامه. وقال إن شهر رمضان موسم عظيم وشهر كريم، وعلينا أن نستقبل هذا الشهر بكل عزيمة صادقة ونية صالحة ورغبة في الخير، وطمع في الفضل وأن يكون هذا الشهر مهذبا لسلوكنا وأخلاقنا، حاديا بنا إلى كل خير وأن نغتنم هذا الفضل العظيم، فقد خص الله هذه الأمة بخصائص في هذا الشهر الفضيل، فخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
وأضاف أنه في هذا الشهر تصفد الشياطين وتفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وقال إن علينا أن نشكر الله على إدراك هذا الشهر الكريم ونسأله تعالى أن يعيينا على قيام ليله وصيام نهاره وحفظ أسماعنا وأبصارنا وسائر جوارحنا، فهو شهر يعودنا على الصبر على المحرمات ككظم الغيظ والحلم والأناة، وهو شهر يرتقي بنا إلى العلا، ويسمو بنا إلى كل الأخلاق والقيم والفضائل، ليس هدفه ترك الطعام والشراب وإنما ترك المحرمات والإقبال على الله واغتنام هذه الأيام بالإكثار من الدعاء، فإن الله قريب مجيب الدعاء.
وحذر المفتي العام المسلمين من أن يكون هذا الشهر نهاره ليلا وليله سهرا، ومن الإسراف في الأطعمة، داعيا الله عز وجل أن يحفظ لهذا البلد أمنه واستقراره وأن يوفق إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لما يحبه الله ويرضاه وأن يسدده في أقواله وأفعاله، ويشد أزره بولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز. كما دعا لصحيفة "الوطن" بالتقدم والازدهار وأن تكون إن شاء الله في قمة الصحافة المدافعة عن قضايا الأمة وأخلاقها وقيمها وأن يوفق القائمين عليها لما يحبه الله ويرضاه.
ومن جهته أكد خبير فلكي استحالة أن يكون اليوم هو أول أيام شهر رمضان بسبب غياب القمر قبل غروب شمس أمس السبت، فيما نفى عالم شرعي متخصص في علوم الأهلة أنه من المستحيل القول بدخول رمضان دون حضور الشهود العدول وفي حال انعدم ذلك فإن المسألة تقف عند اكتمال الشهر 30 يوماً.
وقال الخبير الفلكي الدكتور خالد الزعاق في تصريح لـ"الوطن": إن أول أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام هو يوم الاثنين الموافق لليوم الأول من سبتمبر 2008، مبيناً أنه من غير الممكن دخول رمضان اليوم الأحد بسبب أن الحسابات الفلكية تشير إلى غروب القمر قبل موعد غياب شمس أمس.
وأوضح الزعاق أن "غياب القمر قبل غياب الشمس على العالم أجمع لن يسمح بمشاهدته بالعين المجردة، في الوقت الذي يشترط فيه لرؤية الهلال أن يغيب القمر بعد مغيب الشمس".
مضيفاً "لا رؤية لقمر غاب قبل مغيب الشمس أو معها، فالأفق حينها سوف يكون خالياً تماماً من القمر وحتى مغيب شمس اليوم وسوف يرافقها صعوبة شديدة في الرؤية في الوقت الذي تكون فيه ليلة 30 للشهر الهجري قد اكتملت، الأمر الذي ينفي الحاجة لمشاهدة الهلال، موضحاً أن أول الأيام التي سوف يرى فيها القمر بوضوح هي بعد مغيب شمس يوم الاثنين".
وأكد الزعاق أن "مشكلة الرؤية تكمن في قبول الشهادة لرائي الهلال، حيث تنقص شروط الشهادة بنقص الرؤية من خلال غياب القمر قبل مغيب الشمس كما هو حاصل في هذه الحالة". داعيا القضاة في المملكة إلى "تحقيق شروط الشهادة بالتأكد من وجود "الهلال" الذي تستحيل رؤيته، وأنه إذا تعلقت الشهادة بمستحيل أو اقترنت بما يكذبها فإنها تطرح"، وتساءل الزعاق "كيف تقبل شهادة من يشهد برؤية الهلال والقمر قد غاب قبل مغيب الشمس؟ التقويم القمري الهجري قائم أساساً على الحسابات الفلكية، والحسابات الفلكية لا يعتريها الخلل، قال تعالى "الشمس والقمر بحسبان"، ومرتكز التقاويم إن كانت شمسية أو هلالية هو الحساب الفلكي من بداية خلق البشرية وحتى يرث الأرض ومن عليها، قال تعالى "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس"، وبذلك نص المولى على المواقيت وهي جمع ميقات، وهو الوقت المضبوط". وفي تعليقه على بعض علماء الفلك وتوقعاتهم المغلوطة عبر الصحف، قال "لا يعتمد إلا قول الفلكيين المختصين، أما من يدعي غير كلام أهل الاختصاص بدون أن يقدم دليلاً واحداً فكلامه يرد".
من جهته رد الباحث الشرعي المتخصص في رؤية الأهلة عبد الله علي بن جوير على علماء الفلك ومنهم الزعاق والذين يطالبون برد مسألة الشبهة في رؤية هلال شهر رمضان المبارك وغيره إليهم من خلال 33 نقطة.
موضحا في حديثه لـ"الوطن" أنه عندما يتم الحديث عن هذه المسألة الفقهية من خلال العلم الفلكي فإن المسألة تبقى مشوشة غير مفهومة، قائلاً "الأصل في رؤية الهلال هو الفقه الشرعي الواضح الذي يقربنا من الرأي الراجح الصحيح".
وأوضح بن جوير أن العمل بالحساب الفلكي فيه تلبيس للحق بغيره ، وفيه تزهيد للناس في رؤية الهلال وإبعاد لهم عن هذه السنة النبوية، وفيه تشكيك في القضاة والعدول ودفع الناس لظن السوء في الشهود العدول، كما أن الحساب الفلكي للشهور فيه إدخال في الإسلام ما ليس فيه، وأن الحساب على 10 أقوال واختلفوا في حساب مدى قوس الرؤية".
واستعرض بن جوير في الوقفات التالية المؤكدة -حسب رأيه- أن مسألة رؤية الهلال مسألة محسومة شرعا وتدعو إلى وجوب العمل بالرؤية وترك ما سواها:
الوقفة الأولى: جرت السنة على قبول شهادة العدول في رؤية الهلال دون العمل بالحساب أو الاستئناس به أو خلطه بالرؤية.
الوقفة الثانية: ثبوت الأحاديث الواردة في رؤية الهلال لدخول الشهر أو إكمال العدة 30 يوماً وتواترها وصحة إسنادها مما لا يدع مجالاً لغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم " لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه.." وقال صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" أخرجه البخاري ومسلم.
الوقفة الثالثة: صام الرسول صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات وصام خلفاؤه 30 رمضاناً عملاً بالرؤية دون أي ذكر للحساب الفلكي فيكون العمل بالحساب الفلكي بدخول الشهر وخروجه حينئذ من محدثات الأمور، قال صلى الله عليه وسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"رواه مسلم.
الوقفة الرابعة: العمل بالحساب الفلكي فيه تلبيس للحق بغيره حتى يصير الحساب مقدما على الرؤية حاكماً عليها فلا تقبل إلا إذا شهد لها الحاسب بدعوى أن الشهادة لابد أن تكون منفكة عما يكذبها عقلاً وحساً ويرون أن العقل والحس هما ما يقرره الفلكيون.
الوقفة الخامسة: العمل بالحساب الفلكي فيه تزهيد للناس في ترائي الهلال والتبليغ برؤيته وقطع الناس عن هذه السنة بحجة ولادة الهلال أو عدم ولادته، وهذا قد وقع فعلاً في كثير من البلدان التي تعتمد على الحساب الفلكي وتهمل الرؤية.
الوقفة السادسة: في العمل بالحساب الفلكي تشكيك للعامة وربما بعض المتعلمين وبلبلة أفكارهم هل دخول الشهر الذي أعلن عنه بموجب الرؤية صحيح أو خطأ ووهم ويدع مجالاً للقيل والقال في أمور العبادات وتندرج إثارة هذا الموضوع ضمن ما يفعله بعض الناس من الطعن في مسلمات الأمة وما عرف من دينها بالضرورة.
الوقفة السابعة: العمل بالحساب الفلكي وأقوال الحسّابين يتضمن الطعن في القضاة والشهود العدول حينما ينشر الفلكيون قولاً ويقول الشهود شيئاً آخر فيظن بعض الناس بالشهود شراً وأن لهم دافعاً مادياً أو غرض شهرة أو لديهم غفلة كما صرح بشيء من هذا بعض الذين ينادون بالحسابات الفلكية.
الوقفة الثامنة: أسند ولاة الأمر موضوع ثبوت الشهر وخروجه وما يترتب عليه من الوقوف بعرفة ونحوه إلى أعلى هيئة شرعية قضائية في البلاد وحينما يأتي من ينادي بأقوال مخالفة ألا يكون هذا من منازعة الأمر أهله.
الوقفة التاسعة: رد شهادة العدول على رؤية الهلال لقول الحسابات الفلكية أنه يرى أو لا يرى داخل فيمن كذّب بالحق لما جاءه ومازال العلماء يعدون من خرج إلى ذلك (يعني الأخذ بالحساب في إثبات الشهر) قد أدخل في الإسلام ما ليس منه. قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله، مجموع الفتاوى (179/25).
الوقفة العاشرة: إيقاع الأمة في الحرج والعسر في صومها وفطرها الذي رفعه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب". رواه البخاري ومسلم.
الوقفة الحادية عشرة: طعن الحسّاب في الرؤية الشرعية ليس جديداً بل هو قديم ولكن درج السلف على عدم الالتفات لطعنهم أو الاستناد إلى أقوالهم، قال شيخ الإسلام "ولا ريب أن أحداً لا يمكنه مع ظهور دين الإسلام أن يظهر الاستناد إلى ذلك" أي إلى الحساب الفلكي، والمشاهد هو أن يعلن الحاسبون باستحالة الرؤية فيتقدم 20 شاهداً من جميع المناطق بإثبات رؤيته على وجه لا يتغير.
الوقفة الثانية عشرة: العمل بالحساب الفلكي في تحديد بداية الشهور هو طريقة النصارى واليهود وهي طريقة الحاكم بأمر الله العبيدي الباطني وغيره من الفرق المارقة عن منهج أهل السنة والجماعة.
الوقفة الثالثة عشرة: أجمع المسلمون على أنه لا اعتماد في دخول الشهر وخروجه على الحساب الفلكي وقد حكى الإجماع ابن المنذر، وشيخ الإسلام ابن تيميه، وأبو الوليد الباجي، وابن رشد، والقرطبي، وابن عابدين وغيرهم، بداية المجتهد لابن رشد (577/2) حاشية ابن عابدين (/3 408).
الوقفة الرابعة عشرة: اضطراب الحسّاب وتناقضهم وانقسامهم إلى أكثر من 10 فرق في إثبات الشهور القمرية وإمكان الرؤية وعدمها، وهذا يرفع الثقة بأقوالهم، قال شيخ الإسلام "إنه ليس لأحد منهم طريقة منضبطة أصلاً. فإن الله سبحانه لم يجعل لمطلع الهلال حساباً مستقيماً"، ولهم اختلاف طويل في مقدار قوس الرؤية، وقد ذكر الدكتور محمد صبيان الجهني من "قسم الهندسة النووية جامعة الملك عبد العزيز" في بحثه "الحساب الفلكي بين القطعية والاضطراب" أن القائلين بالحساب الفلكي انقسموا إلى أقسام كثيرة أوجزها في 10 أقوال.
وقد حدث ذلك في عام 1428هـ حيث تناقض الفلكيون واختلفوا وهم في بلد واحد فقد أفاد الباحث الفلكي محمد الشايعي بأن الأربعاء هو اليوم الأول من رمضان وأفاد الباحث الفلكي الزعاق بأن الخميس هو اليوم الأول من رمضان.
الوقفة الخامسة عشرة: كثير ممن يتحمسون للحساب الفلكي يطبقون حسابات غربية دون أن يفكروا أن هذه الحسابات لم تصمم لغرض رؤية الهلال الشرعي أو لتوافق مفاهيم الشريعة الإسلامية.
الوقفة السادسة عشرة: الأخذ بالحساب الفلكي أظهر فوارق عجيبة تخالف العقل والحس فبعض البلدان تعلن الصوم والفطر على الحساب الفلكي وبلدان أخرى تعلن الصوم والفطر في وقت مختلف، وبين البلدين فارق ثلاثة أيام، فهل في كوكب الأرض قمران مما يدل على أن النتائج الفلكية ظنية وتقديرية؟
الوقفة السابعة عشرة: المنصفون من الفلكيين يقولون "إن حركة القمر معقدة للغاية وقد يكون في حكم المستحيل وضع تقويم مضبوط للشهور العربية وأن الحل في هذه المشكلة هو أن يعتمد المسلمون على الرؤية".
وبالنظر إلى كتاب مبادئ الكونيات صفحة (96-97) للأمين محمد كعوره، يتضح أن القول بظنية الحساب وعدم قطعيته يعتبر شهادة من أرباب الفلك أنفسهم.
الوقفة الثامنة عشرة: التحدث أو الإعلان عن دخول الشهر وخروجه والكتابة حوله سواء كان الكاتب أو المتحدث من عامة الناس أو من الفلكيين أو من بعض المنتسبين للعلم الشرعي أو غيرهم من الكتاب وهو ممن لم يصرح له يعتبر من باب التحدث فيما لا يعني وقد قال صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" لا سيما إذا علمنا أن ولي الأمر أسند موضوع الأهلية إلى هيئة قضائية شرعية.
الوقفة التاسعة عشرة: يحتج بعض الناس بأن الآلات الحسابية الفلكية دقيقة للغاية وأنها متطورة وأن علم الفلك ومراصده تقدمت في العصر الحاضر فيقال هذا الطلب بلغ الدقة والترقي مما هو مشاهد ومع ذلك يقع لكبار الأطباء أخطاء طبية يكون ضحيتها أنفساً معصومة أو أعضاء محترمة.
الوقفة العشرون: يقول بعض المعاصرين يؤخذ بالحساب في باب النفي ولا يؤخذ به في جانب الإثبات وهذا نوع من التكلف لأن النفي في حقيقة أمره أخذ بقول الحساب الفلكي وهو نفي وجود هلال بعد الغروب أو نفي وجود ولادة فلكية، ويرتبون على هذا القول رد الشهادة الشرعية.
الوقفة الحادية والعشرون: الآيات التي يستدل بها بعض أرباب الحساب الفلكي يتضح أنهم استدلوا بها في غير موضعها فلو رجعوا إلى قول أعلم الخلق بتفسير كتاب الله لعلموا من سنته صلى الله عليه وسلم أنه لم يعلق دخول الشهر ولا خروجه بعلم الحساب وإنما علق ذلك بالرؤية وإكمال العدة حال الغيم ولا أحد من المسلمين ينكر أن الله خلق الشمس والقمر لحكم عظيمة ومنها معرفة السنين والحساب وأنهما يعملان بحسبان مع هذا كله أناط الشرع الحكيم دخول الشهر برؤية الهلال أو إكمال العدة فقط.
الوقفة الثانية والعشرون: يقيس بعض الناس على أن الفقهاء يرجعون في كثير من شؤونهم لأهل الخبرة فيرجعون إلى الأطباء في فطر المريض في رمضان وإلى أهل اللغة في تفسير بعض النصوص إلى غير ذلك فليرجع الناس في معرفة بداية الشهور إلى علماء الفلك، فيقال هذا قياس مع الفارق لأنه إنما يرجع لأهل الاختصاص في المسائل التي لا نص فيها، أما إثبات الأهلة فقد وردت فيه النصوص صريحة، لا تقبل التأويل.
الوقفة الثالثة والعشرون: يستشكل البعض فيقول إن تحديد بدء الشهر ونهايته لا يختلف عن توقيت الصلاة فكيف أخذ الناس بالتقويم في أوقات الصلوات وبداية الإمساك وبداية الفطر في اليوم والليلة ولم يأخذوا بالحساب الفلكي في دخول الشهر وخروجه، فيقال إن الشرع الحنيف أناط الحكم في الأوقات بوجودها، قال تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر)، وقال تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) وجاءت السنة وفصلت في بداية ونهاية وقت كل فريضة وأناطت وجوب صوم رمضان برؤية الهلال ولم تعلق الحكم في ذلك على الحساب.
الوقفة الرابعة والعشرون: لو فرضنا أن المسلمين أخطؤوا في إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً وهم معتمدون في إثباته على ما صحت به السنة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهم بأس في ذلك بل كانوا مأجورين مشكورين ولو تركوا ذلك لأجل قول الحساب مع قيام البينة الشرعية برؤية الهلال دخولاً أو خروجاً لكانوا آثمين وعلى خطر عظيم من عقوبة الله عز وجل، الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاواه ( /15 133).
الوقفة الخامسة والعشرون: ليعلم القائلون بالحسابات الفلكية في إثبات الشهر ومن ينادي بأن الرؤية تتوقف على تأييد الفلكيين بأن الله تعالى علم ما كان وما سيكون من تقدم على الفلك وغيره من العلوم وهو القائل جل وعلا "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" وبينه صلى الله عليه وسلم بقوله "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
الوقفة السادسة والعشرون: القول بالحسابات الفلكية لم يؤثر عن صحابي واحد فكان بمثابة الإجماع، وإنما حكي الخلاف عن ابن سريج وابن السبكي ومطرف بن عبد الله بن الشخير وابن قتيبة، فأما ابن سريج فإنه يحكي عن الشافعي وأنكر علماء الشافعية نسبة هذا القول إلى إمامهم الشافعي، قال ابن عبدالبر الذي عندنا في كتبه أنه لا يصح اعتقاد رمضان إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة أو إكمال شعبان 30 يوماً. وقال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر أن ابن سريج نقل هذا القول عن الشافعي "والمعروف عن الشافعي ما عليه الجمهور"، يعلم من هذا أن ابن سريج رحمه الله قد وهم في نسبة هذا القول للشافعي أما ابن السبكي فهو تبع قول ابن سريج وقد اتضح غلط ابن سريج في نقله عن إمامه، وأما مطرف بن عبد الله بن الشخير فقد نفى ابن عبد البر صحة الأثر عنه فقال ليس بصحيح ولو صح عنه ما وجب اتباعه عليه لشذوذ فيه. انظر الاستذكار لابن عبد البر (19/10) وفتح الباري لابن حجر (157/4) ومجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "إن هذا إن صح عنه فهو من زلات العلماء"، مجموع الفتاوى (182/25)، وأما ابن قتيبة رحمه الله فقال ابن عبد البر متعقباً له "وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا" فتح الباري (157/4).
وما ذكر عن الشيخ أحمد شاكر من القول بالحساب في إثبات دخول الشهر في رسالته "أوائل الشهور العربية هل يجوز شرعاً إثباتها بالحساب الفلكي"، فقد تراجع عن القول وأشار إلى أن ما ذكر في رسالته كان بحثاً لا تقريراً وانتهى إلى القول بالاكتفاء بالرؤية الشرعية واطراح الحساب الفلكي وذلك للنصوص الشرعية الصحيحة الصريحة بذلك (مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثالث لعام 1408هـ). وأما غيرهم فقوله مضطرب ولم يأت بجديد يستحق أن يناقش وبعض الأقوال أجيب عنها فيما سبق.
الوقفة السابعة والعشرون: يزعم البعض أن في العمل بالحساب الفلكي توحيداً للمسلمين في صيامهم وعيدهم وكلمتهم وهذا ليس بصحيح وذلك من عدة وجوه:
الأول: أن دخول الشهر وخروجه له ارتباط باختلاف المطالع في البلدان والأقاليم.
الثاني: أن توحيد المسلمين يكون باجتماعهم على الحق في أمور الأصول كنبذ الشرك أو تعظيم القبور ووجوب الحكم بما أنزل الله والسير على العقيدة الصحيحة، أما الاختلاف في دخول الشهر وخروجه فهو من الأمور الفرعية.
الثالث: أن الحساب الفلكي هو إلى الفرقة أقرب لأننا نرى أن دولاً تصوم ودولاً لا تصوم والفارق بينهما في الصوم والفطر ثلاثة أيام وسبب ذلك تعاملهم بالحساب الفلكي.
الوقفة الثامنة والعشرون: قوله صلى الله عليه وسلم "فاقدروا له" هذه رواية واحدة مجملة استدل بها البعض على الأخذ بالحساب الفلكي وهذه الرواية تفسرها 14 رواية وليس من الفقه في شيء بتر هذه الرواية عن الروايات الواردة في نفس الحديث لا سيما الرواية الصحيحة الصريحة عند البيهقي بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله جعل الأهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له، أتموه ثلاثين".
الوقفة التاسعة والعشرون: القول بعدم الأخذ بالحساب الفلكي والاقتصار على الرؤية في إثبات دخول الشهر وخروجه امتثالاً للشرع، لا يعني اطراح علم الفلك بجملته بل هو علم من العلوم التي ظهر نفعها للعباد في زروعهم وأسفارهم وفصولهم واتجاهاتهم والكثير من شؤونهم ومصالحهم.
الوقفة الثلاثون: تمحيص شهادة الشهود والتثبت منها مرده إلى القاضي وليس لأرباب الفلك ويندرج تحت تمحيص الشهادة التثبت مما شهدوا به حساً.
الوقفة الحادية والثلاثون: الشهر القمري على حسابات الفلكيين يقصر حيث يصل إلى 29 يوماً و6ساعات و35 دقيقة، ويطول حيث يصل إلى 29يوماً و19 ساعة و55 دقيقة، وهو خلاف ما جاء في الحديث الصحيح من كون الشهر إما 29 يوماً أو 30 يوماً، ومحاولة الجبر لحساب الشهر لكي يصبح 29 يوماً أو 30 يوماً ليس لها معادلة ثابتة لأن ولادة الهلال التي يعولون عليها تحدث في أوقات مختلفة من كل شهر وتصبح طريقة جبر كسر الشهر عند أهل الحساب الفلكي متكلّفة ومعتمدة على العقول المتفاوتة في تقديراتها وخرجت أحياناً بأربابها عن المعقول والمنقول.
الوقفة الثانية والثلاثون: الهلال الشرعي هو الذي تتحقق فيه الرؤية البصرية الواردة في النصوص الشرعية ويهل الناس (الشاهد العدل) برؤيته، وليس متعلقاً بالاقتران، أو الولادة الفلكية، أو كونه يرى في اليوم الثاني، أو طول مدة مكثه في الأفق أو قصرها، أو أنه ليس هلالاً انعكاسياً مقلوباً، أو أنه إذا رؤي في صباح اليوم قبل الشمس فلا يعيب بعدها، أو أنه إذا رؤي في بلدة غربية فإنه موجود في بلدة شرقية، أو أنه إذا استحالت رؤيته في بلدة شرقية تستحيل رؤيته في بلدة عربية أو أنه يختلف مع حسابات الخسوف والكسوف، حيث يمكن أن يرى الهلال الشرعي بلا اقتران وبلا ولادة، ويمكن ألا يرى في اليوم الثاني، ويمكن أن يكون كبير الحجم في اليوم الأول، ويمكن أن يرى في الصباح قبل الشمس ثم يغيب بعدها في المساء، ويمكن أن يرى في بلدة شرقية ولا يرى في بلدة غربية عنها، ويمكن أن يرى في بلدة عربية ولا يرى في بلدة شرقية عنها ومن نفى ذلك وألزم الناس بهذه الافتراضات فهو مطالب بالدليل الشرعي على اعتبارها.
الوقفة الثالثة والثلاثون: التسليم والانقياد للشرع أمر متحتم وليس للمؤمن خيرة بعد ذلك، والفتنة في الدنيا والعذاب في الآخرة والعياذ بالله كثيراً ما تصيب الذين يخالفون عن أمره وترك السنة لقول أحد إنما هو مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم واتباع لغير سبيل المؤمنين كيف وقد تبين الهدى من سنته القولية والعملية في هذا الموضوع، قال تعالى "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " (الأنعام 153). http://www.alwatan.com.sa/news/images/print.gif (javascript:open_win())

الحربي
08-09-2008, 11: AM
شكرا على الموضوع

النبراس
19-10-2008, 04: PM
موضوع يستحق التوقف

الساهر
19-10-2008, 04: PM
بارك الله فيك وكتب اجرك