المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : الوقت هوالحياة



اطلال المجد
15-05-2010, 03: AM
الوقت هو الحياة
الشيخ/ عبد الباري خلة
2010/4/7 12:04:37 pm


ا
لوقت هو الحياة

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فإن الوقت هو الحياة والعاقل هو الذي يعرف قدر وقته فلا يضيع ساعة واحدة من عمره الخير. والوقت من أعظم نعم الله، قال الله تعالى: ]وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً[ الفرقان : 62
وأقسم الله بالوقت في آيات كثيرة، فقال الله تعالى : ]وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى[ الليل:1 – 2 وقال الله تعالى :]وَالْفَجْرِ % وَلَيَالٍ عَشْرٍ [[الفجر: 1-2]
وقال الله تعالى: ] والعصر إن الإنسان لَفِي خسر إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[ العصر:1-3
وعن أبى بردة الأسلمي رضي الله عنه: أن رسول الله e قال: ]لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسمه فيما أبلاه[
وفى لفظ: ]وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه[ حديث صحيح
وسلفنا رضوان الله عليهم كانوا حريصين على الوقت، فها هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي.
وقال بعضهم: إذا مر بي يومٌ ولم أقتبس هدىً ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري.
ومن أهم خصائص الوقت أنه يمر مر السحاب، قال الله تعالى: ]قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ % أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ % فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ % وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ% وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ [ المؤمنون 118:113
ومن خصائص الوقت أنه إن مضى لا يعود أبداً فقد كان الحسن البصري رحمه الله يقول: ما من يوم ينشق فجره إلا وهو ينادي بلسان الحال يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فأنى لا أعود إلى يوم القيامة .
إن الوقت أغلى من الأموال، ولكننا نرى كثيراً من المسلمين يقتلون الوقت إنه الهوى، يقول ابن عباس: ما ذكر الله الهوى في موضع من كتابه إلا وذمه، قال الله تعالى: ] أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ[ الجاثـية:23
وحذر الله داود عليه السلام من الهوى، فقال الله تعالى :]يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ[ [ص:26]
وخاطب الله نبيه عليه السلام بقوله: ]وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً[[الكهف: 28] وعن أنس أن النبي e قال:( ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، أما الثلاث المهلكات: فشح مطاع وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، وأما الثلاث المنجيات: فخشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا ) حديث صحيح هذه طريق الجنة وهذه طريق النار.
إن البعض يقضي الساعات الطويلة على المقهى، أو أمام المسلسلات والأفلام، ولو سألت ما السبب، الجواب: أضيع الوقت.
أنه يقتل نفسه، فإن الإنسان مجموعة من الأيام؛ فإن انقضى يوم من أيامه ذهب بعضه؛ كما كان لقمان يقول لولده: أي بني إنك من يوم أن نزلت إلى الدنيا، استدبرت الدنيا واستقبلت الآخرة، فأنت إلى دار تقبل عليها أقرب من دار تبتعد عنها.
وقتك هو الحياة، هو العمر، فلا تضيع عمرك، والهوى من أخطر العوائق التي تصرف العبد عن استثمار وقته،
وطول الأمل يصرف عن الوقت، والإنسان مفطور على حب الحياة، فاحذر طول الأمل، فهو يحول بينك وبين طاعة
الله سبحانه، ويمنيك بكلمة سوف تفعل، وسوف تفعل، وسوف تفعل.
وقد حذر النبي e من طول الأمل، فقال لابن عمر: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) . وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء.
وقال الله تعالى :]ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ[ الحجر:3
قال القرطبي: ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل أي يشغلهم الأمل عن طاعة الله سبحانه.
وروى عن علي ابن أبى طالب رضي الله عنه انه قال: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لأخرتك كأنك تموت غداً .
والفراغ يقتل الوقت، مع أن الفراغ نعمة من الله ونحن لا ندري، فعن ابن عباس أنهe قال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ). رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر: فمن استغل صحته وفراغه في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استغل صحته وفراغه في معصية الله فهو المغبون.
إذا فرغ القلب من الإيمان فصاحب هذا القلب ميت، وإن تحرك بين الأحياء، فالقلب وعاء الإيمان، كما قال عليه السلام: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب ) رواه البخاري. فالقلب هو الملك، والأعضاء جنوده، فأن استقام الملك استقام الجنود، وإذا اعوج الملك اعوج الجنود.
وقال ابن تيمية: مساكين والله أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا ولم يتذوقوا أطعم وأحلى ما فيها، قيل: وما أطعم ما فيها ؟ قال : ذكر الله والأنس بلقائه.
وعن عَلي أن النبي e قال :( ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر، فبينا القمر مضيء إذ علته سحابة فأظلم، فإذا تجلت عنه أضاء) حديث صحيح.
فكذلك نور الأيمان في القلب، إن حجب نور الإيمان بسحائب الظلم والذنوب والمعاصي فتر الإنسان عن طاعة الله.
وفراغ القلب من الإيمان يعرض القلب لكل أنواع الفتن؛ لأن الفتن تعرض على القلوب، فعن حذيفة قال النبيe (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عودا، فأي قلب أٌشْرِبَها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مُرْبَادَّا كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه، وقلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض ) رواه مسلم
فالقلب وعاء الإيمان، ومحط الفتن، فإذا فرغ القلب من الإيمان تعرض الإنسان لكل فتنة وتشربها في قلبه.
وعلاج الفراغ القلبي زيادة الإيمان، يقول عبد الله بن مسعود: تفقد قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وفى مجالس الذكر والعلم، وفى وقت الخلوة بينك وبين ربك، فأن لم تجد قلبك في هذه المواطن، فابحث عن قلبك فانه لا قلب لك !
فإن القلب يمرض والإنسان لا يدرى وإن القلب يموت والإنسان لا يدرى.
والفراغ النفسي يقتل الوقت: النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل والنفس أمارة : ]إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي[ يوسف:53
الفراغ النفسي مقتلة للشباب. وإذا لم يجد الشاب عملاً انشغل بالمعاصي .. انشغل والشهوات.
قال الله تعالى: ]وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا % فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا % قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا % وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[[الشمس:7-9]
وقال الله تعالى: ]فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى[ النازعـات: 37-41
والفتن تعرقل الفراغ، والإنسان مفطور على حب الحياة، ويرجوا طول عمره، لكن الأيام محسوبة والآجال معدودة، وما دام الموت هو نهاية الحياة فإن العمر حينئذ قصير.
فما دام الموت هو آخر المطاف، فالعمر إذن قصير، ولم يستطع العلم بل ولن يستطيع أن يرد الشيخوخة إلى شباب، أو أن يحول بين الإنسان وبين الموت.
وقد يستطيع الإنسان أن يطيل عمره !! كيف ذلك؟
اعلم أن العمر الحقيقي للإنسان لا يقاس بسنواته التي قضاها، وإنما العمر الحقيقي للإنسان يقاس بقدر ما قدم الإنسان، هذا هو عمرك الحقيقي يقاس بعمل الخيرات وبالطاعات.
فهذا نبي الله نوح قضى ألف سنة إلا خمسين عاما في الدعوة إلى الله، وعمر النبي محمد e وسنوات دعوته قدر الله له في هذا العمر القليل أن يقيم للإسلام دولة.
وهذا أبو بكر في مدة ولايته التي لا تزيد على سنتين ونصف حَوَّلَ المحن إلى منح.
في سنتين ونصف قضى على فتنة الردة، وأنفذ بعث أسامة، وجمع القرآن الكريم، وَرَدَّ الأمة إلى منهج النبي الكريم
فأطل عمرك بعمل الخيرات والطاعات ، كما قال e (اغتنم خمساً قبل خمس، حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك ) حديث صحيح
وبعد فهذه الحياة ما هي إلا لمحة وستنقضي ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى فلنستثمر أوقاتنا في طاعة الله فهو رأس مالنا ولنتق الله في هذا الوقت فإن الله سائلنا عن كل لحظة قضيناها وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

الشاعر محمد الحربي
15-05-2010, 08: AM
رائع جداًشـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

المعالي
15-05-2010, 10: AM
احسن الله خاتمة الجميع

الامل
15-05-2010, 12: PM
http://vb.arabseyes.com/uploaded/42504_1180636653.jpg

مَـلآك إْلـرُوح
15-05-2010, 04: PM
الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك بارك الله فيك اخي الكريم

سموالإحساس
15-05-2010, 05: PM
بارك الله فيك اخي الكريم

اطلال المجد
16-05-2010, 01: AM
الراجحي راجح
المعالي
الامل
ملاك الروح
شرقاوى وهواوي

مروركم نورمتصفحي والله يحفظكم بحفظه ولكم مني اجمل تحية

البسمة
16-05-2010, 11: PM
بارك الله فيك وجزاك الجنة بإذنه سبحانه