الحمد لله الذي جعلا الفلاح في طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينامحمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.
لقد اعتنت الحضارة المعاصرة بالإنسان، فعملت على خدمته وتطويع المادة له، فصنعت من الآلات ما يطير به في السماء، وما يسبح به في الماء، وما يجري به على الأرض براحة جسدية واطمئنان، وهيأت له السكن في أجمل القصور وأحسن الدور، وقدمت له ألذ الطعام وأحسن الأثاث واللباس، ومع ذلك من تحقق له هذا فقط لم يشعر بالراحة الحقيقية التي ينشدها؛ ذلك أن الإنسان ليس إنسانا بعظمه ولحمه وشحمه، ولا بسمعه ونطقه وبصره، إنما الإنسان إنسانٌ بشيء في داخله يسمى الروح، نعم الروح، الروح التي لا يعلم حقيقة كنهها إلا الله جل في علاه القائل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً[الإسراء: 85]. نعم، الروح من أمر ربي؛ ولذلك لم تفهم هذه الحضارة من الإنسان إلا الهيكل العام، فعملت على خدمته وتطويع المادة له، فأصيب حينذاك بقلق وحالات نفسية وأمراض عديدة. يـــا خـادم الجسم كـــم تشقــى بخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران؟!
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
وللحديث بقية