كلمة الرياض

10/6/1433هــ

هل دخلت سوريا مرحلة حرب العصابات؟!

يوسف الكويليت
مسار الوضع السوري اتجه نحو التصعيد، فمهمة أنان محكومة بالفشل، ومن تبنوها في مجلس الأمن لم يطرحوا الحلول لمواجهة المأزق، ولكنهم مضطرون إلى التعامل مع الواقع بما يحمي هيبة الدول الأعضاء، ولعل الروس والصينيين الأكثر إحراجاً طالما وافقوا على المهمة، ويبدو أن الضغط على السلطة لم يعد مؤثراً طالما سارت باتجاه القتل المتعمد..
داخلياً معالم حرب عصابات بدأت تظهر، وسواء كانت التفجيرات من قبل السلطة لتعطي ذريعة أنها تحارب متطرفين من القاعدة أو غيرها، فهي في النتيجة هزة أمنية لها؛ لأن المندوبين يشاهدون على الطبيعة كيف تجري الأحداث وتسير وترفع التقارير من قلب الميادين، واتساع المعارك والانشقاقات بالجيش النظامي يضيفان قوة للمعارضة بجناحيها العسكري والمدني، وباعتبار أن المواجهة بين الجيشين تأتي لصالح قوة الدولة، إلاّ أن حالة الاستنزاف الطويل واتساع المعارك ووصولها للقرى والمدن وأزقتها، والدعم الذي يأتي من الخارج عوامل سيكون الزمن لصالحها، لأن الدولة ستفقد كل يوم نصيراً أو محارباً أو حتى صاحب رأسمال يهرب ممتلكاته، بينما المقاومة والمعارضة ستجدان المواقف، على المدى البعيد لصالحهما..
روسيا الداعم الأول قد لا يهمها الأسد من حيث النظرة البعيدة، لكنها تعتبره مرحلة تعزز بقاءها، وقد تجد نفسها، إذا ما شعرت بالخسارة، أن تعد مع عناصر من داخل الحكم التخلص من الوجوه البارزة وتغييرها بأخرى من خلال انقلاب تعده معهم، وتضع سيناريوهات للحل تعطيها فرصة التحالف مع السلطة الجديدة وإعداد مصالحات وتنازلات تتفق مع مصالحها، غير أن مثل هذا السيناريو قد يدفع بطرف آخر القيام بانقلاب آخر يريد احتكار السلطة، أو تقسيم سوريا، وهناك تستطيع روسيا المجازفة بدفع قوة لها تساند أو تعاضد أي حليف لها لصعوبة النتائج التي قد تضعها في مركز الدولة المحتلة.
إيران رهانها أكبر، فهي تدفع بكل إمكاناتها المحافظة على السلطة لأنها مرتكز خططها في المنطقة كلها، لكنها تعاني وطأة المقاطعة، واحتمالات إعداد ضربة عسكرية قد تقسمها إلى أقاليم بقوميات ونزعات لا تزال هشة، كذلك الأمر بالصين فهي تتعامل مع المواقف بحذر ولا ترى أن المجازفة تعطيها فرصة منحها قوة سياسية في المنطقة لأنها بحساب كل العرب دولة منحازة لسلطة مرفوضة شعبياً وعربياً..
الدول العربية، لا تزال في حالة انقسام، فهناك العراق الداعم والخائف من جوار دولة قد تنقلب عليه، أما السودان والجزائر، ودول الربيع العربي فهي تعايش أوضاعاً داخلية ملحة وأهم مما يجري لسوريا، وتبقى الدول الخليجية فهي الأكثر صراحة وشجاعة بالتضامن مع الشعب السوري، لكن الوضع، وبقراءة له من راصدين سوريين ودوليين وعرب لايعطون السلطة البقاء؛ لأنه كل يوم يمر يحدث لها خسارة جديدة، وحتى الشعور بالمكابرة والتحايل على القرارات الدولية، ومخادعة الآخرين بأساليب بوليسية، جميعها أسلحة غير فاعلة طالما الشعب يتظاهر ويتحمّل الأعباء كلها وبمبدأ الانتصار، لا الهزيمة..