الوقفة الأولى
هاهي أيام رمضان قد انقضت ، ولياليه قد تولت .
انقضى رمضان و ذهب ليعود في عام قادم ، انقضى رمضان شهر الصيام و القيام ، شهر المغفرة و الرحمة . انقضى رمضان و كأنه ما كان .
آيه رمضان ماذا أودع فيك صالحات ، و ماذا كتبت فيك من رحمات .
كم من صحائف بيضت ، وكم من رقاب عتقت ، وكم حسنات كتبت .
انقضى رمضان و في قلوب الصالحين لوعة ، وفي نفوس الأبرار حرقة .
و كيف لا يكون ذلك ؛ و هاهي أبواب الجنان تغلق ، و أبواب النار تفتح ، و مردة الجن تطلق بعد رمضان . انقضى رمضان : فا ليت شعري من المقبول فنهنيه و من المطرود فنعزيه . انقضى رمضان فماذا بعد رمضان ؟ لقد كان سلف هذه الأمة يعيشون بين الخوف و الرجاء . كانوا يجتهدون في العمل فإذا ما انقضى وقع الهم على أحدهم : أقبل الله منه ذلك أم رده عليه . هذه حال سلف هذه الأمة فمل هو حالنا ؟ و الله إن حالنا لعجيب غريب . فو الله لا صلاتنا كصلاتهم، و لا صومنا كصومهم ، ولا صدقتنا كصدقتهم ، و لا ذكرنا كذكرهم ؟ لقد كانوا يجتهدون في العمل غاية الاجتهاد، و يتقنونه ويحسنونه ، ثم إذا انقضى خاف أحدهم أن يرد الله عليه عمله .
و أحدنا يعمل العمل القليل و لا يتقنه ولا يحسنه ، ثم ينصرف وحاله كأنه قد ضمن القبول و الجنة . فيا أخي عليك أن تعيش بين الخوف و الرجاء ، إذا تذكرت تقصيرك في صيامك وقيامهم ؛ خفت أن يرد الله عليك ذلك ، و إذا نظرت إلى سعة رحمة الله ، وأن الله يقبل القليل ويعطي عليه الكثير ، رجوت أن يتقبلك الله في المقبولين . نسأل الله جل وعلا ان يجعلنا واياكم من المقبولين. وللحديث بقية