بسم الله الرحمن الرحيم
إيه الإخوة الكرام لا بد إن نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب. لا بد من وقفة محاسبة: نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء. لا بد من وقفة محاسبة: نستقبل فيها العثرات. لا بد من وقفة محاسبة: ننهض فيها ونستدرك ما فات. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}. وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)). ويقول عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية". وكتب عمر رضي الله عنه إلى بعض عماله في الأمصار: "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة". وقال ميمون بن مهران: "لا يكون العبد تقيًّا، حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك". وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة". اسأل الله أن نكو وإياكم ممن يتعهدون أنفسهم بالمحاسبة قبل أن يأتي يوم لا نستطيع أن نحاسب أنفسنا فيه وندم ولا ينفع الندم. ودعواتي للجميع بالسعادة في الدنيا والآخرة.