المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : كن محسودا ولا تكن حاسدا



القاضي
31-08-2012, 11: PM
الحمد لله حق حمده وصلاة وسلاماً على نبيه وعبده ، وبعد :

لا شيء أشأم على المرء من حسد يملأ جوفه ، ويحرق أحشاءه ، ولا شيء أهنأ له من رضى بالمقسوم واطمئنان للحال وراحة للبال .



كفى بالحسد ذماّ أنّه أول ذنب عصي الله به ، وأول ذنب ارتكبه إبليس ، وهو ذات الداء الذي منع أبا جهل من اتباع ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم ، بان ذلك حينما سأله أحدهم في خلوة : هل ما جاء به محمد حق ؟ فقال أبو جهل : ويحك ! وهل يكذب محمداً ؟! والله أني أعلم أن ما جاء به محمد حق لكن والله لقد كنا نحن و بنو عبد مناف نتنافس السقاية والرفادة فلما كنا كفرسي رهان تجاثينا على الركب قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء والله لا نتبعه أبداً ولا نصدقه !!

انظروا إلى شؤم الحسد كيف قاد هذا الرجل إلى طريق الهلاك رغم علمه بالحق .



يقال أنه لا يخلو جسد من حسد فالكريم يخفيه واللئيم يبديه . وعلى هذا فما أكثر اللئام وما أقل الكرام ، وإن كانت النفس لا تحب أن يفوقها أحد ويتميّز عنها بفضل لأنها جبلّة أصيلة لا تنفك عنها ، حتى قالوا : إن أبدى شيئاً مما في نفسه على أخيه أو أضمر له العداوة سمي ذلك حسداً ، وإن كتمه ولم يضمر له شيء لا يمسى حسداً .



هناك بعض الصفات التي يمكنك من خلالها معرفة الحاسد منها على سبيل المثال لا الحصر :

كثرة السؤال عن أحوال الناس وهم الذين يمت لهم بصلة من زمالة أو جماعة أو غيرها لا لأجل الإطمئنان عليهم ، يعرف ذلك في قسمات وجهه وفلتات لسانه .




أيضاً إذا رأيت شخصاً في مجلس كلما حدثت بحديث قام وقطع الحديث بحديث آخر أو تنهّد ولم يلتفت إليك وأظهر بعض الملل كرهاً لحديثك فاعلم أنه حاسد ..فاحذره .


وكذلك من تراه يكثر من التنقّص من الآخرين دون سبب مسوّغ ..


وكثيراً ما يحصل الحسد بين الأقران ، فالصديق يحسد صديقه والتاجر يحسد أخاه التاجر ، والمرأة تحسد صاحبتها ولعل دافع الغيرة بين النساء وراء أكثر حسد بعضهنّ .



قال أحدهم : لله در الحسد بدأ بصاحبه فقتله .
ويقال أيضاً : كل ذي نعمة محسود .
وقيل : أن الحسد من أسباب شح الأمطار وجدب الديار .



من اللطائف في ذلك أن الخليفة عبد الملك بن مروان قال للحجاج يوماً : إنه ما من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فصف لي عيب نفسك ، فقال :أعفني يا أمير المؤمنين ، فأبى ، قال الحجاج : أنا لجوج حقود حسود ، فقال الخليفة : إذاً بينك وبين إبليس نسب .



قد يقود الحقد إلى الحسد ، لذلك يجب الإحتراز من الحقد إلا لسبب شرعي كي لا يجتمع معه الحسد فيهلكان صاحبهما ..



إذا أردتّ أن تدحر الشيطان فعليك بالدعاء لصاحب النعمة ، وترضى بالقسمة ، وتعلم أن كل شيء بيد الرزاق ذو القوة المتين ، وأن ما أعده الله لك في الجنات خير وأبقى ، وأن لا تلتفت إلى الحطام فالدنيا عرض زائل وما يدريك أن المال أو الجاه الذي حسدت من أجله صاحبك لو كان عندك لكان شؤماً عليك وربما تعذب من أجله ، وأنك أيضاً لا تدري لعل حرمانك منه سلامة لك من شر وخير لك في دنياك وآخرتك ورفعة في درجاتك .

وتجنب التعمق في خصوصيات وشؤون الآخرين ، فإن ذلك من دواعي الحسد ، وإذا رأيت بعض الحسّاد يخوضون في شؤون شخص حسداً له فلا تشاركهم حديثهم وافتح باباً آخر للحديث ، أو اشغل نفسك بشيء آخر ، لأن مجالسنا تبارك الرحمن حافلة بهذا النوع من الحديث الذي لا يدفعه سوى بغضة الحسد .



من ذلك قولهم : فلان لديه كذا وكذا ( والله ما يستاهله ) !!

فلان فعل كذا وكذا ، إلى غير ذلك من ساقط القول ، فمنهم المهوّن من شأنه وشأن ما حسد من أجله ، ومنهم الداعي له بالتوفيق كذباً ونفاقاً ..غير مبالين بقوله تعالى : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) ولا إلى قوله عليه الصلاة والسلام : (إياكم والحسد) .



وإنك لو نظرت إلى نفسك قليلاً لوجدت أنك في نعمة حُرمها الكثير ويتمناها الكثير بماله وجاهه ..


يحكى أن بعض الفقراء من العمال قد فرغوا من عملهم في آخر اليوم وكان أحدهم مستلقياً إلى بطحاء معدة للبناء فمر بهم أحد الأثرياء ، فقال هذا المستلقي كلمة يتمنى فيها مثل الذي للثري فسمعها منه فوقف وقال له : هل تقبل أن تعطيني صحتك وأعطيك مالي ؟ فقال : لا . قال: لو أجد من يعطيني صحته لأعطيته مالي ، يريد بذلك أنه مبتلى . ولعل هذا من الغبطة ، لكن سقتُ هذه الحكاية كي يعلم كل أحد حجم النعم التي عليه ولئلا يتسلل إلى قلبه الحسدلأحد من الخلق .



فأقول : إن استطعت ألا تكون حاسداً وأن تكون محسوداً فكن ، فإنك إن تكن مأجوراً خير لك من أن تكون مأزوراً . وإنك إن تعش مستريح البال ترقب النعم وتتمناها من مسديها ، خير لك من أن تعيش مهموماً تترقب ووتتحسر على ما بأيدي الناس ثم في النهاية لا تظفر منه بشيء . ولا تبؤء إلا بالصفقة الخاسرة .



ولله درّ القائل :
وكلمة حاسد من غير جرمٍ ..سمعتُ فقلت مرّي فانفذيني
وعابوها عليّ ولم تعبني .. ولم يندَ لها أبــــــداً جبيني

بن شامان
01-09-2012, 09: AM
الف شكر اخي.....

عبدالمحسن
01-09-2012, 11: AM
ألف شكر أخي الغالي

سموالاخلاق
01-09-2012, 11: AM
مشكوووور
القاضي مميز في موضيعك
مبدع بأسلوبك
رائع في تواجدك
مشكوووور

العندليب
01-09-2012, 01: PM
الله يجزاك خير......

الربعي
01-09-2012, 01: PM
بالتوفيق والى الامام

البرضاوي
01-09-2012, 02: PM
موضوع مفيد
بارك الله فيك وفي جهدك000

المهندي
01-09-2012, 04: PM
دمت في حفظ الرحمن

المعدي
01-09-2012, 04: PM
وفقك الله واثابك.......

الدردمي
01-09-2012, 05: PM
مشكوووور على الموضوع

الداعية الصغيرة
09-09-2012, 06: PM
يعطيكك العااافيه ااخوووي

السـاهر
10-09-2012, 11: AM
وفقك الله والى الامام