المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : الحقائق المرررررة



الاعلامي
15-11-2019, 02: PM
شـعب الله الـمحـتار
فهد عامر الأحمدي

✍🏻 لم يتعرّض (عـرب الجزيرة) لما يُهدّد هويتهم ووجودهم الثقافي سوى مرتين خلال التاريخ:

ـــ المرة الأولى حين حملوا رسالة الإسلام الى الشعوب الأخرى فحدث تلاقح فكري أثّر على أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم العربية (لدرجة كَثُر الاستعجام فأمر علي أبن أبي طالب بوضع قواعد النحو).

ـــ أما المرة الثانية ففي عصرنا الحديث حين اكتُشف النفط ومرّت الشعوب الخليجية بطفرة مادية جعلتها تستغني بطيب خاطر عن عاداتها وتقاليدها ومهاراتها القديمه.

.. فحتى وقت قريب (زمن جدّي وجدّك) كنا مكتفين ذاتياً ولم نحتج لاستيراد شيء من منتجات الشعوب الأخرى. كانت جدّاتنا يصنعن السجاد والسلال والسمن وكافة احتياجاتهن الأُسرية، في حين كان أجدادنا يبنون منازلهم بأنفسهم ويحرثون أرضهم بسواعدهم ويصنعون كل شيء تقريباً من أشجار النخيل ومنتجات الماشية وطين الأرض.. غير أن هذه المهارات (التي تبلورت خلال أجيال طويلة) فقدناها خلال جيل واحد فقط بفضل الطفرة النفطية وتحوّلنا لمجتمعات استهلاكية.

قد لا يأسف معظمنا على فقد مهارات الآباء والأجداد، ولكن المشكلة أننا لم نأتِ ببديل معاصر لها أو تصنيع ما هو خير منها (فأصبحنا مثل الغراب الذي ضيع مشيته ومشية الحمامة).

وياليت الأمر اقتصر على تضييع المهارات اليدوية كوننا أضعنا بنفس المستوى (عادات وأعرافاً وأخلاقيات) تبلورت خلال قرون فأصبحنا بالفعل "شعب الله المحتار" الذي دخل مرحلة نعضج جديدة ولم يستقر حتى الآن على خـيار حضاري واضح..

فنحن مثلاً مازلنا حائرين بين عاداتنا البدوية القديمة وحياتنا المدنية الحديثة.. نبني أفخم القصور ولكننا نعشق التخييم في الصحراء.. نفرش بيوتنا بالرخام الإيطالي والأثاث السويدي، ثم نبني ملحقاً بالطين يتوسطه موقد للنار والحطب.. مازلنا حائرين هـل نلبس ثوباً وشماغاً وجزمة أم بنطالاً وقميصاً وشبشباً؟ .. هل نأكل بالشوكة والسكين على الطاولة؛ أم نضرب بالخمس قعوداً على الأرض.. نلبس داخل الوطن ثـياباً (ويتصنّع بعضنا أخلاقاً) مختلفة عما نلبسه ونصنعه حين نسافر للخـارج.. نخلع العباءة والثوب في الدول البعيدة ولا يشغـل بالنا خلال هذه الفترة القصيرة غير "لا يشوفـنا سعودي"..

نتحدث كثيراً عن الزهـد وعـدم الإسراف وإكرام النعمة، ولكن الواقع يؤكد أننا أكثر شعوب الأرض استعراضاً وإسرافاً وتطبيقاً لمبدأ "لا تفشلونا قدام الناس".. نعيش في منطقة جافة قاحلة ــ لا أنهار فيها ولا زرع ــ ومع هذا لا يجارينا أي شعب في استهلاك المياه ورمي الأطعمة.. نُبدي إعجابنا بمدن أوروبا القديمة وبيوت سويسرا الجبلية ومساجد تركيا الأثرية، ولكننا ننسى أننا كنا نملك كل هذا قبل أن تكتسحه جرّافات البلدية ـــ وتصبح مدننا وبيوتنا بلا طعم أو هوية.. يمكنك تسميتنا ببلد المليون واعظ على وزن المليون شهيد في الجزائر، أو المليون شاعر في موريتانا ولكن واقع النزاهة لدينا لا يثبت أننا إتّعظنا أو أصبحنا أفضل البشر.. نتحدث عن الديموقراطية والشفافية، ولكننا مازلنا نفكّر بعقلية القـبيلة ونفضل التعاملات السرية ونتحدث بطريقة: "يقولك خويّنا وش سويت بموضوع فلان اللي أنت خابر"..

ورغم أننا نعيش عالة على الشعوب المنتجة (حتى في ملابسنا وحليب أطفالنا) مازلنا نحـتفظ بأَنَفة الأعراب ونعتبر غيرنا "عـجـماً" سخّرهم الله لخدمتنا ــ وكأننا شعب الله المخـتار، في حين ان الحقيقة هي أننا "شعب الله المحتار" الذي لم ينضج بعـد، وما يزال يعيش مرحلة مراهقة متقـلبة..!

الكناني
15-11-2019, 02: PM
تقبل مرووري

المراسل
15-11-2019, 03: PM
بالتوفيق.....

الساري
21-11-2019, 11: PM
الله يصلح الحال

المرامحي
26-11-2019, 06: PM
الف شكر على الموضوع

المراسل
05-12-2019, 03: PM
نعم صدق الكاتب
ولا نقول الا الله يصلح الحال

المحار
11-12-2019, 07: PM
تقبل شكري.....

الاعلامي
16-12-2019, 05: PM
شكرا للجميع