المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : نبذة عن زكاة الفطر



أغـــــاريد
15-09-2009, 09: PM
إن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
* فهذه نبذة في زكاة الفطر ، أسأل الله تعالى أن ينفع الجميع بها ، وأن يتقبل منهم زكاتهم وسائر أعمالهم .

معنى زكاة الفطر

أي : الزكاة التي سببها الفطر من رمضان . وتسمى أيضاً : صدقة الفطر ، وبكلا الاسمين وردت النصوص .
* وسميت صدقة الفطر بذلك لأنها عطية عند الفطر يراد بها المثوبة من الله ، فإعطاؤها لمستحقها في وقتها عن طيب نفس يظهر صدق الرغبة في تلك المثوبة ، وسميت زكاة لما في بذلها خالصة لله من تزكية النفس ، وتطهيرها من أدرانها ، وتنميتها للعمل ، وجبرها لنقصه .
* وإضافتها إلى الفطر من إضافة الشيء إلى سببه ، فإن سبب وجوبها الفطر من رمضان ـ بعد إكمال عدة الشهر برؤية هلاله ـ فأضيفت إليه لوجوبها به .

تاريخ تشريعها والدليل عليه

* وكانت فرضيتها في السنة الثانية من الهجرة ـ أي مع رمضان ـ وقد دل على مشروعيتها عموم القرآن ، وصريح السنة الصحيحة ، وإجماع المسلمين ، قال تعالى : ( قد أفلح من تزكى ) [ الأعلى : 14 ] .
أي : فاز كل الفوز ، وظفر كل الظفر من زكى نفسه بالصدقة ، فنماها وطهرها .
* وقد كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله يأمر بزكاة الفطر ويتلو هذه الآية .
* وقال عكرمة رحمه الله في الآية : هو الرجل يقدم زكاته بين يدي ـ يعني قبل ـ صلاته ـ أي : العيد ـ وهكذا قال غير واحد من السلف رحمهم الله تعالى في الآية : هي زكاة الفطر .
*وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي r عند ابن خزيمة وغيره . وقال مالك رحمه الله : هي ـ يعني زكاة الفطر ـ داخله في عموم قوله تعالى : ( وآتوا الزكاة ) .

وثبت في الصحيحين وغيرهما من غير وجه : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر ) .
وأجمع عليها المسلمون قديماً وحديثاً ، وكان أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها .
* حكمها : حكى ابن المنذر رحمه الله وغيره الإجماع على وجوبها . قال إسحاق رحمه الله : ( هو كالإجماع ) .
قلت : تكفي في الدلالة على وجوبها ـ مع القدرة في وقتها ـ تعبير الصحابة رضي الله عنهم بالفرض ، كما صرح بذلك ابن عمر وابن عباس . قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر . . . ) الحديث ، وبنحوه عبر غيره رضي الله عنهم .


* حكمة تشريعها : شرعت زكاة الفطر تطهيراً للنفس من أدرانها ، من الشح وغيره من الأخلاق الردئية ، وتطهيراً للصيام مما قد يؤثر فيه وينقص ثوابه من اللغو والرفث ونحوهما ، وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح ، ومواساة للفقراء والمساكين ، وإعناءً لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد .
* فعن ابن عباس مرفوعاً : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ) [ رواه أبو داود والحاكم وغيرهما ] .
* وفيها : إظهار شكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان ومايسر من قيامه ، و فعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه .
* وفيها : إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم .

على من تجب الفطرة ؟


*زكاة الفطر زكاة بدن ، فتجب على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى ، حراً كان أو عبداً ، وسواء كان من أهل المدن أو القرى أو البوادي ، بإجماع من يعتد بقوله من المسلمين ، ولذا كان بعض السلف يخرجها عن الحمل .
* قلت : وليست واجبة عن الحمل ، لكن لعل هذا من شكر نعمة الله بخلقه ، والرغبة إلى من وهبه أن يصلحه .


* ومن أدلة وجوبها : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، على العبد أو الحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين . وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) [ متفق عليه ] .


ونحو هذا الحديث مما فيه التصريح بالفرض والأمر ، وإنما تجب على الغني ـ وليس المقصود بالغني في هذا الباب الغني في باب زكاة الأموال ، بل المقصود به في زكاة الفطر من فضل عنده صاع أو أكثر ـ يوم العيد وليلته من قوته وقوت عياله ، ومن تجب عليه نفقته .
* وغير المكلفين كالأيتام ، والمجانين ، ونحوهم يخرجها عنهم من مالهم من له عليه ولاية شرعية .
فإن لم يكن لهم مال فإنه يخرجها عنهم من ماله من تجب عليه نفقتهم ، لعموم ماروي عن النبي rأنه قال : ( أدوا الفطر عمن تمونون ) .



أنواع الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر

* ثبت في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( كنا نعطيها ـ يعني صدقة الفطر ـ في زمان النبي r صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من الزبيب . . . ) [ متفق عليه ] .
وفي رواية عنه في الصحيح ، قال : ( وكان طعامنا الشعير والزبيب والإقط والتمر ) .

* فالأفضل الاقتصار على هذه الأصناف المذكورة في الحديث مادامت موجودة ، ويوجد من يقبلها ليقتات بها ، فيخرج أطيبها وأنفعها للفقراء , لما في البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعطي التمر ، وفي الموطأ عن نافع : كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيراً ، أعوز أهل المدينة من التمر ـ يعني : لم يوجد في المدينة ـ فأعطى شعيراً .

* وفي هذا تنبيه على أن ينبغي أن يخرج أطيب هذه الأصناف وأنفعها لهم ، ومذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور أن البر أفضل من التمر ، قال تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) .
فإخراجها من أحد هذه الأصناف إذا وجد من يقبله ليقتات به أفضل لأن فيه موافقة للسنة ، واحتياطاً للدين .

فإن لم توجد فبقية أقوات البلد سواها .

* وذهب بعض أهل العلم ـ وهو قول مالك والشافعي وأحمد وغيرهم ـ إلى أنه يجزىء كل حب وثمر يقتات ولو لم تعدم الخمسة المذكورة في الحديث ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، واحتج له بقوله تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) [ المائدة : 89 ] .

وبقوله r: ( صاعاً من طعام ) والطعام قد يكون براً أو شعيراً ، وقال : هو قول أكثر العلماء ، وأصح الأقوال .

فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء .

* قال ابن القيم رحمه الله : ( وهو الصواب الذي لا يقال بغيره ، إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتات أهل بلدهم ، لقوله r: ( اغنوهم في هذا اليوم عن الطواف ) .

* قلت : وهذا اجتهاد من هؤلاء الأئمة الأعلام رحمهم الله تعالى ، وإلا فلا شك أنه إذا وجد أحد الأصناف التي نص عليها r ووجد من يقبله رغبة فيه لأنه من قوته المعتاد فهو الأولى بالإخراج ، أما إذا كان غير هذه الأصناف أحب إلى الناس وأيسر لهم فهو أولى لما يتحقق به من المواساة والإغناء ، فإن إخراج الفطرة منه هو المتعين ، فقد قال r: ( البر ما اطمأنت إليه النفس ، واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) [ رواه الإمام أحمد والدارمي رحمهما الله بإسناد حسن ] .
وقد قال أبو سعيد رضي الله عنه : أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه في عهد النبي r ، يعني صاعاً من طعام لا نصف صاع .

المقدار الواجب في الفطرة



* ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي r: ( فرض زكاة الفطر صاعاً ) والمراد به : صاع النبي rوهو أربعة أمداد . والمد: ملء كفي الرجل المتوسط اليدين من البر الجيد ونحوه من الحب . وهو كيلوان ونصف على وجه التقريب ، وما زاد على القدر الواجب ينويه من الصدقة العامة ، وقد قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ) .

وقت إخراج الزكاة


* لإخراج زكاة الفطر وقتان : الأول : وقت فضيلة ، ويبدأ من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد ، وأفضله ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد ، لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر . . . ) الحديث .

وفيه قال : ( وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) .
وتقدم تفسير بعض السلف قوله تعالى : ( قد أفلح من تزكى 14 وذكر اسم ربه فصلى ) أنه الرجل يقدم زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته .


* والثاني : وقت إجزاء ، وهو قبل العيد بيوم أو يومين لما في صحيح البخاري رحمه الله قال : ( وكانوا ـ يعني الصحابة ـ يعطون ـ أي المساكين ـ قبل الفطر بيوم أو يومين ) .
فكان إجماعاً منهم . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) [ رواه أبو داود وغيره ] .
* قال ابن القيم رحمه الله : ( مقتضاه أنه لايجوز تأخيرها عن صلاة العيد ـ قلت : يعني من غير عذر ـ وأنها تفوت بالفراغ من الصلاة ) .
* وقال شيخ الإسلام : ( إن أخرها بعد صلاة العيد فهي قضاء ، ولا تسقط بخروج الوقت ) .

* وقال غيره : اتفق الفقهاء على أنها لا تسقط عمن وجبت عليه بتأخيرها ، وهي دين عليه حتى يؤديها ، وأن تأخيرها عن يوم العيد حرام ، ويقضيها آثماً إجماعاً إذا أخرها عمداً .

لمن تعطى صدقة الفطر ؟


* في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ) .
ففي هذا الحديث أنها تصرف للمساكين دون غيرهم . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ولا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة ، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم ) .

* ويجوز أن يعطي الجماعة أو أهل البيت زكاتهم لمسكين واحد ، وأن تقسم صدقة الواحد على أكثر من مسكين للحاجة الشديدة .
ولكي ينبغي أن تسلم لنفس المسكين أو لوكيله المفوض في استلامها من قبله .


إخراج قيمة زكاة الفطر


* لا يجوز إخراج قيمة زكاة الفطر بدلاً عنها ؛ لنص النبي rعلى أنواع الأطعمة مع وجود قيمتها .
فلو كانت القيمة مجزئة لبين ذلك النبي r، فإنه لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .

وكذلك فإنه لا يعلم أن أحداً من أصحاب النبي rأخرج زكاة الفطر نقوداً مع إمكان ذلك في زمانهم ، وهم أعرف بسنته وأحرص على إتباع طريقته .
وأيضاً فإن أخراج القيمة يفضي إلى خفاء هذه الشعيرة العظيمة ، وجهل الناس بأحكامها واستها نتهم بها .
* قال الإمام أحمد : لا يعطي القيمة . قيل له : قوم يقولون : عمر بن عبدالعزيز كان يأخذ القيمة ؟ قال : يدعون قول رسول الله r ويقولون : قال فلان .

وقد قال ابن عمر : ( فرض رسول الله r زكاة الفطر . . . ) .
* قلت : فإخراج القيمة بدلاً عن الطعام لا يجوز ؛ لأنه مخالف لأمر النبي r وفعله وعمل أصحابه من بعده وإن قال به بعض أهل العلم ، فالعبرة بما ثبت عن النبي rلا بما يخالف هديه من آراء الرجال . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ! أقول لكم قال رسول الله r ، وتقولون قال أبو بكر وعمر !!



نقل زكاة الفطر من بلد الشخص إلى بلد آخر

* الأصل أن الشخص يدفع زكاة فطره لفقراء البلد الذي وجبت عليه الزكاة وهو فيه ـ وهي إنما تجب بغروب الشمس ليلة العيد ـ ونقلها إلى بلد آخر يفضي إلى تأخير تسليمها في وقتها المشروع ، وربما أفضى إلى إخراج القيمة وإلى خفاء تلك الشعيرة ، وجهل الناس بسنة النبي rفيها .
ولم يثبت عن النبي r ولا عن أحد من خلفائه الراشدين ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم فيما أعلم أنهم نقلوها من المدينة إلى غيرها .
* وبناءً عليه فنقلها في هذا الزمان من مجتمع إلى آخر ـ والذي يدعو إليه بعض الناس ويغرب فيه ـ معدود من الأعمال المحدثة التي يجب الحذر منها والبعد عنها ، وتنبيه الناس على مافيها من المخالفة ، والله المستعان .
* أما كون الإنسان يوكل أهله أن يخرجوا الزكاة في بلدهم وهو في بلد آخر فليس من هذا الباب ، فإن الكلام في نقل زكوات بعض أهل بلد إلى بلد آخر ، فإنه هو الذي قد يترتب عليه المحاذير السابقة ، ولهذا نبهت عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

\\ مطوية لدار الوطن //

برنس2009
15-09-2009, 09: PM
مشكورة على الموضوع الاكثر من رائع
اخت اغاريد

الرهوان
16-09-2009, 04: AM
جزاك الله خير

ابوجهاد
16-09-2009, 05: AM
مشكوراخوي

العامر
16-09-2009, 09: PM
جزاك الله خير

أغـــــاريد
18-09-2009, 04: AM
شاكره لكم مروركم اخواني

المناور
20-09-2009, 08: PM
جزاك الله خير