من أجمل ما في العلاقات الاجتماعية في حياتنا أنك تألف وتؤلف، وتحب وتُحب،
وإذا ألمّت بك شدّة وجدت القريب والحبيب والصديق حولك..... حبا لا تملقا ، مشاركة لا عطفا ، ومودة لا شفقة.
وهذا المنهج هو ما حرص الإسلام على ترسيخه ليجعل من المجتمع نسيجا فريدا رائعا ، فيكتسب المسلمون به أخوّة أصيلة يكون العائد منها على الفرد والمجتمع كبيراً جداً.
وكلما كان الصفاء هو المسيطر على كافة أمورهم، كلما زادت مشاعر الأخوة الصادقة في الله عز وجل وبالتالي يزداد الترابط بينهم.
فالإنسان مخلوق مزيج من جسد وروح ومشاعر وعواطف وعقل وفكر، فكما أن الجسد بحاجة إلى الغذاء لإمداده بالطاقة ووقايته من الأمراض، فإن بقية العناصر بحاجة إلى الغذاء والعناية بها.
فالإنسان إذا أصابه اعتلال في مشاعره، وسيطرت عاطفة فيه على الأخرى، فإن شخصيته ستضطرب وسيضطر إلى التجمل والظهور بشخصية غير شخصيته الحقيقية، وبهذا يكون قد فقد صدقه مع نفسه ثم مع الآخرين.
إن اعتلال المشاعر والأحاسيس والغرائز والرغبات سببه الرئيسي هو الخواء الروحي نتيجة لضعف الإيمان بالله، والابتعاد عن ميزان الحق الذي يزن لكل فرد بميزان القسط، ميزان الله الذي لا يوازي عدله ميزان.
ولكي نضمن بمشيئة الله سلامة المشاعر والعقل والروح والعواطف والفكر علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا لكي ينعكس صدقنا على الآخرين،
فبالصدق تتولّد المحبة والتسامح والصبر والتعاطف والنزاهة والمسؤولية وغيرها من الفضائل التي تعتبر من أرقى القيم التي تتحلّى بها الأخوة الحقة.
كم نحن بحاجة للمشاعر الصادقة التي تثمر عن العطاء والوفاء، فالمشاعر الصادقة كالنبتة تنمو وتزهر عندما نهتم بها، بينما عندما نهملها فإنها تذبل وتموت.
أن ما يميز الإنسان الصادق هو قلب يخفق بالحب للآخرين ويحرص على إسعادهم والوفاء لهم، ذلك الحب الذي لا يعرف لغته إلا المحبون،
فلندع حبنا للآخرين ينغرس في دواخلنا وينمو فيها، ليوقظ المشاعر والأحاسيس من سباتها ليستشعرها الآخرون، فلا يحرك المشاعر النبيلة سوى صدق المشاعر،
وعلى عكس ذلك فإن من يتجاهل مشاعر محبيه مثل من يردم بئر مائه فيتحول بستانه من جنة وارفة الظلال طيبة الثمار إلى أرض جرداء قاحلة.
لذا فنحن في حاجة إلى الحب الصادق لبعضنا البعض لتكون حياتنا مثل الحديقة الغناء التي تعطي النفس الراحة وتُشعرها بالبهجة.
