مثير للاستغراب اعتراض بعض أعضاء مجلس الشورى في الجلسة التي بثها التلفزيون السعودي الجمعة قبل الماضية على مقترح زميلهم الأستاذ حمد القاضي المتضمن تصنيفا خاصا بالمدارس الأهلية يقتضي من جملة ما يقتضي أن يقيم أولياء أمور الطلاب المبالغ المستحقة للرسوم الدراسية على أن يكون المحك الأساسي معطى المستوى التعليمي واقع الحال، لا أرى سببا أو مبررا وجيها لإجهاض هذا المقترح أو حتى إرجائه، بل أرى مباركته وتفعيله وبشكل عاجل لسبب بسيط وبديهي لكون التصنيف يوفر على أولياء الأمور الكثير من الجهد والوقت للتعرف أو لنقل فرز الغث من السمين، نعم لقد أصبح التعليم الأهلي لدى بعض المنتفعين (منتجا ماديا ربحيا) يسوق على غرار سائر السلع بطرق لا تخلو في كثير من الأحيان من التسويف وربما التضليل والغش، وهو لعمري أشد ضررا من السلع الأخرى، وبالنتيجة تتساوى بعض المدارس في قيمة الرسوم بينما هي في واقع الحال تتباين في مستوياتها التعليمية إما لجهة كوادرها ومعلميها أو إلى ناحية أساليبها وطرائق تدريسها دون الحديث عن الوسائل والآليات التعليمية وغيرها.
كما تجدر الإشارة أن (التصنيف الحقيقي) أكرر الحقيقي والموضوعي ليس الغاية منه تحديد مستويات المدارس الأهلية أي التمييز بين الممتازة والجيدة فحسب بل (يلفظ) أو يجب أن يلفظ ما دون (السيئ) وهم كثر وإلا كيف نفسر تفشي الدروس الخصوصية من قبل معلمي بعض تلك المدارس، أوليس ذلك يتنافى جملة وتفصيلا مع أبسط أدبيات العملية التعليمية فضلا عن أنه مؤشر ودليل لا يقبل الجدل على تدني مستوى المعطى التعليمي ! المثير للأسى أن جل أولياء الأمور يلحقون أبناءهم بالمدارس الأهلية طمعا في عائد تعليمي راق ومميز وبالتوازي هربا من الدروس الخصوصية ولسان حالهم يقول بدلا من دفعها للمدرسين الخصوصيين ندفعها للمدارس الخاصة وكفى، وإذا بهم يفاجأوا بوجودها وربما بشكل أكثر بشاعة وجشعا في بعض المدارس الأهلية ويصبح حالهم كمن هرب من الدب فوقع في الجب، فتتكالب عليهم مصاريف أقساط المدارس الأهلية من جهة وتكاليف الدروس الخصوصية من جهة ثانية. بالمناسبة، مدرسو الخصوصي الخاصين (نسبة إلى المدارس الخاصة) أغلى سعرا من مدرسي المدارس الحكومية.. لم لا فهم ينتسبون إلى مدارس متميزة وذات طابع تعليمي وتربوي خاص وفريد !.
فيا له من غبن وأيما غبن .. أوليس الأجدر والبديهي أن يكون من أبجديات مهام تلك المدارس تأمين أعلى درجة من التعليم والتحصيل أو على أقل تقدير وفي أسوأ الأحوال جعلهم يستغنون عن الدروس الخاصة فهم أصلا في حلٍ منها، كلنا يعلم أن إدارات المدارس الأهلية والقائمين عليها لم ولن يعدموا الوسائل والتدابير للحؤول دون ذلك إذا ما أرادوا فعليا لكن ما يدرينا ربما كان السبب هو قلة الرواتب! الأمر الذي يجعلهم يغضون الطرف حتى لو كان ذلك على حساب العملية التربوية، إلى ذلك يصبح من الضروري العمل بهذا المقترح أو التوصية (التصنيف) ولا يكتفى بذلك بل يجب وضع رزمة من الآليات والضوابط والتدابير المستدامة لحماية وتحصين هذا الصرح.
بقي أن نقول إن هذا الإجراء له جملة من الموجبات لعل أهمها إنصاف وترجيح المدارس المتميزة في عطائها ومنهاجها التعليمي والتربوي ويعتبر تصنيفها بمثابة شكر وامتنان، الأمر الذي يدفعها إلى مزيد من التميز .. في المقابل من غير المستغرب أن تحذو بعض المدارس التي ما دون المستوى لتلحق بركب ونهج المدارس النموذجية.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1219389252.htm
