رجال الهيئة تحت خط النار
يُجمِع أهلُ الفضلِ والعقل على أن الأصل في كل موقفٍ وقضية أن يتحرى المسلم الحقيقة ويجتهد في إحقاق الحق وإنصاف المظلوم .
وفي حادثة رجال الهيئة مع المقيم البريطاني وزوجته , جزما لست مع من نادى : "خطأ الهيئة مغفور"! ولكني أيضا لست مع هذا التعاطي المجحف المعيب من قبل رئيس الهيئة ووسائل الإعلام الرسمية حيال القضية .
فكرٌ أعوجٌ هزيل , أشبه ما يكون بمرضٍ مستعصٍ يتغلغل في مفاصل البلد وهرم الدولة , من الرأس حتى القدم ومن القمة حتى القاعدة ! ألا وهو تبجيل الغرب ورفع أجانب أميركا وأوروبا فوق كل القوانين , يلي ذلك مواقف متخاذلة متحاملة متكررة من رئيس الهيئة والإعلاميين وكتبة الصحف ضد رجال الحسبة .
قبل بضعة أشهر يتحرش رجلٌ أمريكي ببعض السعوديات في الرياض ويعتدي على أحد المواطنين ويشج وجهه ويلقيه أرضًا ثم يغادر وهو يصرخ عالياً "أنا أميركي",
وينجو بفعلته ويُطوى الملف كأن لم يكن ! لم نسمع عن إيقاف أو تحقيق أو ترحيل أو ... أو ..., واليوم بذات الغطرسة والفوقية والتمرد على أنظمة وثقافة البلد يقف بريطاني ليتحدى ويستفز ويقاوم موظفي دولة ويرفض إبراز هويته وحين نجح في جرّهم إلى الشجار واضطرارهم إلى فرض أوامرهم وحماية هيبتهم واستخدام القوة تمادى وزوجته بالشتائم والضرب , إذن فهما في أبسط الأحوال شركاء في الخطأ بل هما الأولى بالمحاسبة والعقوبة بحكم اعتدائهم لفظيا وجسديا على موظفين حكوميين خلال أدائهم لمهام عملهم****.
ولكن ! لأن المسألة فيها "الهوية الغربية" وفيها "عبد اللطيف آل الشيخ" تحولت الحادثة إلى قصة جديدة من القصص الكثيرة التي تعرض فيها رجال الهيئة إلى الأذى والظلم والتعسف على يد رئيسهم _قبل سواه_ في قضايا ثبتت براءتهم فيها لاحقا !.
ولا أدري كيف يمكن لأي موظفٍ في العالم أن يعطي ويعمل ويخدم مجتمعه وهو تحت هذا الكم الهائل من الضغوط والتهديدات وافتقاد الأمن الوظيفي : ما بين تحذيرٌ بالفصل , وتلويحٌ بالنقل , أضف إلى ذلك الحرب الإعلامية التشويهية التحريضية , واحتمالات التعرض للخطر والأذى بحكم ما يقتضيه دورهم أحيانا من مواجهة مع أهل الإجرام والانحراف "السحر , الخمور , الدعارة ..."! إلى واقع رواتبهم المتدنية وضعف التقدير والحوافز .
في حادثتنا محل النقاش هرع الجميع لأجل ذلك الغربي وترضيته والاعتذار إليه , وقضت لجنة الزيف والجور بتجريم المحتسبين وصدرت أشنع قرارات آل الشيخ على عجل بنفيهم وتشريدهم وأطفالهم في أرجاء البلاد , كدرسٍ يود رئيس الهيئات من منسوبيها أن يستوعبوه : الزموا مكاتبكم ولا ترفعوا صوتًا ولا رأساً على منكر , تسلموا ".
هناك في أرض "الحضارة والإنسانية" مُزّقت ناهد المانع ب16 طعنة من سكينٍ بريطانية , وسُجن حميدان واُتّهم وسيم وأسرته سوء العذاب بتعليماتٍ أمريكية , وتعرض الكثير من السعوديين لمضايقات وانتهاكات وحوادث عنف وكراهية وعنصرية ! ومرّت أشهرٌ وأعوام فما تحرك لنصرتهم أحد وما سمعنا اعتذارا ولا محاكمةً لقاتل , أما هنا فالجلاد بالمرصاد ورجل الهيئة مدانٌ على أية حال والغربيُّ يُعفى عنه وإن قتَل أو خالف أو روّج المخدرات والمسكرات !!! فدماؤنا أرخص وكرامتهم أغلى !.
خلاصة القول : أن أعداء رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعداءٌ لنا كمجتمع فأمننا من عقوبة الله وسخطه مناطٌ بأداء هذه الشعيرة . وما يتعرضون له يمسّنا ويؤذينا قبل أن يؤذيهم , وأهل التغريب والإفساد تمادوا ولا نايف لهم !.
ما يفعله رئيس الهيئات من إدانة وإهانة رجاله مع كل قضية , يفاقم الأوضاع ويولّد الغضب والنقمة داخل الهيئة أولا ثم بين صفوف المحبين والمؤيدين لها .
وأحلام أصحاب الأهواء والشهوات في حلّ هذا الجهاز مستحيلة متعذرة مادام في هذا البلد قلبٌ ينبض بخير , ولكن الخطر كل الخطر في عمليات التعطيل الحاصلة فتقييد أيدي رجال الهيئة ستطلق أيدي الغيورين والمصلحين من عامة الناس فلا أظن عاقلا يتوقع من راكب سفينةٍ يراها تغرق أن****يقف متفرجًا .
يا عبد اللطيف آل الشيخ : اعمل لقبرك غداً , وكفّ عن ترقّب ابتسامة الرضا من المسؤول الفلاني وتصفيقة الاحتفاء من الصحيفة أو القناة الفلانية !
احتضن رجالك وعاملهم بما تعامل به أبناءك من الحماية والرعاية والتوجيه والاهتمام والاحترام والإكرام مع الحزم والتدريب والتطوير , دون بطشٍ وإجحاف . ففي فجور الخصوم ما يغنيهم ويكفيهم عن طعنةٍ من قريب !.
د/ آل عاطف
رد مع اقتباس
