المحسوبيات فساد يورث المناصب
فكونا من عيالكم
علي الجحلي
اطلعت على ملخص الدراسة التي قدمها الأستاذ المشارك في معهد الإدارة العامة الدكتور محمد البيشي، في مؤتمر القيادات الإدارية. حذّرت الدراسة من عوامل مهمة تؤثر في قرار اختيار القيادات وتأهيلهم في القطاع العام.
أهم عناصر تطوير الموارد البشرية هو البدء بالاختيار الجيد للمؤهلين لشغل الوظائف. عندما تتمكن الإدارة من تحييد العوامل السلبية في عمليات الاختيار بداية، فهي على طريق النجاح دون شك، لكن هل يحدث هذا عندنا؟
الواقع يقول إن "الواسطة" هي العنصر الأهم في قرارات التعيين، بدءاً من العلم بوجود الشواغر، ومروراً بإجراءات التعيين من مقابلات واختبارات، ثم حصر المطلوبين الملائمين لشغل الوظيفة.
هذه الخطوة هي بداية عمليات الفساد التي تأتي بعدها، كل عنصر قادم يحدث فيه من التفضيل وانعدام العدالة الكثير. بعد الاختيار تأتي عمليات التأهيل، ومن ثم التعيين، وبعدها المراقبة وتقويم الأداء الذي يؤثر في المسار الوظيفي.
يمكن أن يدخل القطاع أشخاص لا واسطة لهم ولا علاقات، لكنهم مضطرون للمنافسة مع مَن يملكون تلك المزايا، وهنا تقع إشكاليات كثيرة تؤثر في عمليات التقييم وتدفع بالأشخاص غير الملائمين للمقدمة على شكل ترقيات أو ربط بمسارات وظيفية تختصر حلقات لا تنتهي يدخلها الضعفاء ويصبحون ضحايا لها.
أصدقكم أنني شاهدت أشخاصاً يملكون قدرات قيادية واستيعاباً للمهام وكفاءة في التنفيذ، يقبعون داخل مكاتب لسنين تصل إلى الـ 20 دون أن يحصلوا على الفرص التي يستحقونها، بينما زملاؤهم الأقل كفاءة وجدارة منطلقون من قسم إلى إدارة إلى إدارة عامة إلى ...
تلك حالة منتشرة وإلا فلماذا يوجد الاعتقاد عند كثير من المسؤولين أن القدرات القيادية أو الذهنية تورث؟ إن سيطرة المعتقدات الخاطئة بهذا الشكل، أدت للكثير من المصائب على القطاعات، أعطيكم مثالاً يعلمه الجميع: أي مشروع لدينا يكلف عشرة أضعافه في أي دولة أخرى، رغم زيادة أعداد المتخصصين الذين يتخرجون في أفضل جامعات العالم.. لكن الذين يديرون عمليات التفاوض والإعداد والنقاش والترسية هم أبناء العباقرة الذين لم يرثوا عبقرية آبائهم، هم أبناء مَن خرجوا بأجسادهم لكن أرواحهم باقية في جهات عملهم من خلال خلفائهم الذين انطلقوا بسرعة الصواريخ داخل الوزارات والهيئات والمؤسسات.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العامر
