الصراع بين الأجيال :



الحقيقة أن القاعدة العريضة من الشباب تشعر بوجود فاصل زمني ومساحة في التفكير المختلف بينها وبين الجيل أو الأجيال التي تسبقها حين القمة في الأجيال السباقة تسطح النظر إلى أفكار الشباب تمنحهم قطرات من الخبرة مع كثير من المنّ ، ولا يترك هؤلاء مقاعدهم لمنح الفرص للشباب لإثبات وجودهم وتحقيق مستجدات نظرياتهم وأفكارهم التي هي في الغالب أكثر مواءمة وملائمة لمتغيرات العصر .
وهذه مشكلة لها جذور حادة في الواقع العربي إذ تزداد فجوة التفاهم والتجانس والتآلف بين الشباب والكبار وأضحى الكبار ينظرون بعقلية الوصاية وإصدار الأوامر الأخطر من ذلك أن غالبية الآباء أضحى جل همهم توفير متطلبات العيش والتعليم والصحة لأبنائهم ، متعللين بذلك بأن ضغوط الحياة قاسية تدفعهم للعمل مرتين وثلاث في اليوم ، دفعهم ذلك الواقع إلى تصور أن هذا هو كل مايريده الشباب .

الثقافة الغربية والإعلام:




يعطي الواقع الإعلامي والثقافي العربي صورة يمكن التعبير عنها بـ[غياب الخطط الثقافية] ، واستناد الإعلام العربي في معظم أحواله إلى البرامج الغربية خاصة قطاع التلفزيون ، وأن هذا قد أثر بصورة سلبية وخطية على ثقافة الشباب في الوقت الذي لا توجد فيه أي خطوط دفاع أو أرضيات صلبة لمواجهة الغزو الثقافي ، إن الأفكار والثقافات الغربية تتسرب ببطء إلى نفوس الشباب وعقولها فتتركها فريسة للأوهام والاغتراب ، وفي حال عدم قدرة أي أمة على تحصين شبابها سيكون مصيرها التبعية وبخاصة هذا الغزو الهائل من المعلومات المضللة وانتشار وتطور الاتصالات ولا سيما الفضائية التي دخلت معظم البيوت العربية دون استئذان لتعيث فيها فساداً وعلى سبيل المثال ، تصدر وكالة [رويتر] يومياً أكثر من 40مليون كلمة توزع على أكثر من 80دولة ، في حين لا توجد وسائل إعلامية فعالة في العالم العربي تستطيع بموجبها المجابهة أو حماية الشباب .
والخوف كل الخوف أن تصبح اللغة العربية هي اللغة الثانية أو الثالثة مع مرور الزمن ، كما نلاحظ أ، نسبة القراء في العالم العربي منخفضة عن الدول الأخرى ، ولقد أصدر مركز الدراسات الوحدةالعربية ومقره [لبنان] ملفاً إحصائياً على مدى عشرين عاما بين 1965-1985م ، جاء فيه أن العالم العربي كان يصدر (4000) عنوان كتاب جديد عام 1965م ، ووصل العدد إلى (7000) عنوان جديد في 1985م ، ثم تراجع إلى أن وصل إلى 2800عنوان ، هذا بالمقارنة مع [اليابان] تصدر سنويات 35.000كتاب ، وشتان بين أنواع الكتب العربية والكتب اليابانية .ونجد أيضاً أن الشباب العربي يمضي أكثر من 4ساعات يومياً في مشاهدة التلفزيون وقابلة للزيادة مع غزو المحطات الفضائية ، وإن 40-60% من برامج التلفزيون العربية مستوردة وكثير منها لا يتناسب طبيعة هذه البلاد المسلمة ، ويمكن القول عن هذه الحالة [بالغزو الثقافي المستورد] أي أن الإعلام العربي يستورد الغزو الثقافي عبر الأفلام والمسلسلات والبرامج والإعلانات والمستودعات إلى جانب المعلومات بمختلف صورها ، كما أن البرامج التلفزيونية المحلية دون المستوى المطلوب ولا تساهم في تثقيف المواطن أو الشاب وزيادة وعيه وإدراكه.

طموح الشباب بين الواقع والخيال




ينقسم الشباب إلى ثلاث أنواع داخل الوطن العربي وعلى الأخص داخل المملكة العربية السعودية .
أولاً: الشباب يعيش في عالم الخيال:
شباب يحلم بمستقبل مزدهر وعالم كله ورود وحياة مملوءة بالسعادة ومكانة اجتماعية مرموقعة وحالة اقتصادية لا يدنو منها غيره ، لكنه يعيش في واقع أليم فهو لا يحمل شهادات علمية ولا يحمل أي صفات اجتماعية أو اقتصادية تؤهله لهذا الحلم الرومانسي ، ومن هنا يحدث تصادم بين الواقع والخيال ومع ذلك يصدق الخيال ويكذب الواقع ، ويصف المجتمع بالظلم وبأن حقه مهضوم ، وربما إذا سألته عن أحواله لقال لك [أنني مثل الشمعة تضيء لغيرها وتحرق نفسها] ، وربما إذا سألته عن ماذا قدم للمجتمع أو لنفسه لا يدرك هذا المعنى ولكن ما هي إلا عبارات اعتاد عليها اللسان [نحن مظلومين – نحن غرباء في بلادنا – نحن الفئة المسكينة – نحن .. نحن .. وغيرها من العبارات] .

ماذا تفعل هذه الفئة :
- تحمل مجموعة من الأوراق تحتوي على مايلي:
1- شهادة المتوسطة أو أدنى من ذلك .
2- شهادات عديدة من مراكز مختلفة تحمل اسم دورات .
3- لا يفهم ولا يدرك معنى أي دورة قد حصل عليها لكنها شهادة .
- يسعى للحصول على وظيفة بالشروط الآتية :
1- حكومية .
2- مرتب مغري ومجزي لأنه خبير !!
3- نصف دوام ، أي[ ساعة أو ساعتين أو تكون نصف ساعة أفضل] .
4- إجازة الأربعاء والخميس والجمعة ويوم في نصف الأسبوع .


ثانياً: الشباب الاعتمادي على الآخرين :

هم فئة من الشباب تحتاج إلى تلقي الرعاية دائماً من الوالدين والتعلق بهما والالتصاق بالآخرين والخوف الشديد من الانفصال وصعبة في اتخاذ القرارات ، وإلقاء مسئولية أعماله والأشياء التي تخصه على الآخرين والافتقار إلى الثقة بالنفس والانشغال غير الواقعي بالخوف من غياب مساندة الآخرين وأن تترك له مسئولية الاعتناء بنفسه أو تحمل المسئولية .

ثالثاً: الشباب الحقيقيون والذين يشرفون المجتمع :




هم الفئة التي يشرّف بها المجتمع وكل من يتعامل معهم ، شباب يعرف دوره ومسئولياته ، دائماً يبحث عن ذاته محاولاً تفجير طاقاته العلمية ليضع بصمة في طريق مستقبل منير ، يواجهه الصعوبات ليكتشف فيها اليسر ، يبحث عن المعلوم يرى منه المجهول ، ينادي في محرابه بأن ليس هناك شيء مستحيل أمام العمل والطموح ، مؤمن بالله وواثق في قدراته التي وهبه الله إياها ، نغوص في أبحار هذه الفئة لنتعلم منها كيف نطمح وكيف نتعلم وكيف نبني مستقبلنا .

ماذا تفعل هذه الفئة :
شباب يحدد طموحاته وأهدافه : وهو طالب يرسم طريقه للوصول إلى مبتغاه ، فيختار مساره التعليمي المستقبلي ولا يترك الصدفة تختار مستقبله ، يريد كلية الطب فيعمل لها ، يريد كلية الهندسة فيعمل لها.

2- شباب يعرف قدراته ، من أهم العوامل في التفوق هي أن يدرك الفرد مدى قدراته فلا يعطي نفسه أكثر من قدراتها ولا أقل من إمكانياتها .
وهم دائماً يرددون كلمة أنا أعرف نفسي وأعرف قدراتي ، لا أشترك أو أغامر في شيء دون دراسة ومعرفة مدى إمكانياتي واستعداداتي في هذا الموضوع .

طموحك وجروحك !!





لكم تحياتي