الخطاب الجديـد لهيئـة اﻷمـر بالمعـروفد. محمد الحربيمحمد علي الحربيلسنوات طويلة خلت كان غالبية كتاب الصحف واﻹعﻼميين يطالبون رجال هيئة اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالتصرف كموظفين تابعين لجهاز حكومي يعمل في الدولة وتنطبق عليه ذات اﻷنظمة التي تنطبق على بقية الوزارات والجهات الحكومية اﻷخرى، وكان هناك فريق من العاملين في الهيئة أو من المدافعين عنهم بدون وعي أو فهم يتبنون فكرا مضادا لهذا المنطق السوي؛ ويطالبون باستثناء رجال الهيئة من كل اﻷنظمة والسماح لهم بالعمل اﻻحتسابي العشوائي وبالحصانة العجيبة الغريبة ضد أي عقوبة أو قرار.ومن يستمع إلى خطاب الرئيس العام لهيئات اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبداللطيف آل الشيخ خﻼل اﻷيام الماضية، سواء في حادثة الجنادرية، أو تجمع المحتسبين ضد المحتسبين المطالبين باﻻحتساب العشوائي، يدرك تماما إلى أي مدى تغير وتطور خطاب هيئة اﻷمر، وأصبح أكثر واقعية واتزانا، بعيدا عن التضخيم والتعالي على المجتمع وفرض الوصاية عليه، وفتح الباب لﻼحتساب العشوائي ما أفرز كل الحوادث المؤسفة التي تسبب بها هؤﻻء المحتسبون الذين ﻻ ينتمون إلى هذا الجهاز، والتي وصلت إلى حد الموت في مطاردات خطرة وقاتلة.يقول الرجل الوسطي المستنير الدكتور آل الشيخ: «الهيئة لن تتراجع خطوة واحدة نحو تنفيذ مهامها كجهاز حكومي يؤدي أعماله وفق السياسة العامة للبﻼد المرتكزة على اﻻعتدال والوسطية مع التمسك بالثوابت الشرعية»، ووطنك ونحن ﻻ نريد منك أكثر من ذلك، وﻻ نريد من رجال الهيئة أكثر من ذلك وﻻ أقل.لغة الخطاب هذه التي يتبناها آل الشيخ هي ما كنا نحتاجه منذ زمن طويل لردم الهوة بين المجتمع وبين رجال هذا الجهاز المهم.لم يعد الزمن قابﻼ للممارسات العشوائية، ولم تعد الناس تتقبل مثل هذه النماذج التي تمارس اﻻحتساب العشوائي ومحاوﻻت اختطاف المجتمع، وفرض الوصاية على عباد الله ومطاردتهم في الشوارع ومﻼحقتهم حتى خلف أسوار البيوت بدون إذن الدولة وبدون مرجعية نظامية تخولهم دس أنوفهم في حياة الناس، ذلك زمن قد ولى ﻻ أعاده الله علينا.اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة ﻻ غنى لنا عنها، ولكن في أطر نظامية تحكمها أنظمة البلد من خﻼل جهاز حكومي يعمل به جميع أبناء البلد من كافة اﻷطياف والتوجهات، ويؤدون من خﻼله عمﻼ محددا وموصفا بلوائح ومواد نظامية، فكلنا مسلمون موحدون، وكلنا من حقنا أن نمارس شعيرة اﻻحتساب وأن نحمي المجتمع، وﻻ بد لهذا الجهاز الحكومي من أن يحدد معايير اﻻنتساب إليه واﻻنخراط للعمل فيه، بالشهادات والخبرات العلمية والعملية ومن خﻼل مسابقات نظامية ومفاضﻼت ﻻ عﻼقة لها بالشكل الخارجي وﻻ بطول أو قصر الثوب، هنا وهنا فقط تكتمل الرؤية السليمة ﻵلية العمل في هذا الجهاز الحكومي «كما يؤكد رئيسه»، ويمارس دوره في نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة وفق معايير نظامية واضحة، يؤديها موظفون بمؤهﻼت واضحة وعلى مراتب وظيفية واضحة لها مهام واضحة، هذا جل ما نريد بﻼ زيادة أو نقصان.