وصبوها القهوة
لم أجد محللا سياسياً عربياً واحداً لم يذكر في خطبة بأن الأمة تعبر منحنى خطيراً، فكل الزعماء لازالوا يذكرون هذا المنحنى الخطير وكأنهم لم يبرحوا وقوفا أمام هذا المنحنى.
وهذا الثبات يؤكد أن الأمة لاتتحرك بتاتاً، فهي قابعة في نقطة تأكل وتشرب وتتناسل من غير أن تجتاز عنق الزجاجة أو المرحلة التاريخية الحرجة أو المنحنى الخطير.
ولأن بعض الساسة لايقرؤون وإن قرأوا لايفهمون وإن فهموا لايتحركون والدليل على هذا أن مفكري وعلماء الأمة الإسلامية يشيرون دائماً لمكامن الخلل، ولكن لا أحد يسمع أو يرى، وللتدليل على هذا القول يمكن لأي منّا أن يشاهد القنوات الفضائية أو في النت أو في الكتب أو في المجلات تلك الاراء التي تشخص علل الأمة العربية والاسلامية والتي لا تحتاج لعبقرية فذة لتطبيقها، وإنما هي بحاجة للإيمان بضرورة الانتقال من حالة مرضية إلى حالة صحية، وفي هذا السياق قرأت مقابلة مع العالم العالمي أحمد زويل، حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، يحذر فيها من اتساع الفجوة العلمية بين الدول المتقدمة والدول العربية لغياب المنافسة في اقتصاديات العصر والمعتمدة على التكنولوجيا وبسبب عدم دعم التعليم والبحث العلمي ومكافحة الفساد وإطلاق الشفافية الحقة ومحاربة البيروقراطية بحيث يصبح الطريق ملائماً لجذب الاستثمارات، وأكد على أهمية إعادة النظر في الفكر السياسي والاجتماعي القائمين، وطالب بضرورة تجاوز مقولة «التطور البطيء» إلى السعي لإحداث نقلة كبرى.
إذن لو فتشنا عن (الروشتات) التي كتبها العلماء والمفكرون فسنجد، مئات الوصفات التي تخرج عالمنا العربي من سباته أو وقوفه عند المنحنى الخطير، ولكن هذا لا يحدث فحالة عالمنا أشبه بحالة مريض شخصه طبيب ماهر وأعطاه الدواء لكنه لا يتعاطى الدواء، وأمتنا -مجتمعة- لا تتناول الدواء وتكتفي بأنات متواصلة أو استعارة شعارات بالية ميتة على شاكلة:
ويلك ياللي تعدينا ويلك يا ويل
وصبوها القهوة، وياقلبي لاتحزن.
صحيفة عكاظ \ الكاتب \ عبده خال
رد مع اقتباس
