إنَّـهـا جُـثَّـةُ إنـسـانٍ، فـهـلاَّ *كنتَ يا كَلْـبُ مـن المحتـل أفْضل --العشماوي

كُـلْ مِـنْ الجثَّـةِ فالأمَّـةُ تُـؤْكَـلْ
إنهـا فُرصـةُ عـمـرٍ لا تُـؤجَّـلْ
أمتـي، مليارُهـا مـا زال يشـكـو
غفلـةً عـن عِـزَّةِ المجـد المؤَثَّـلْ
لم تزلْ ترنو إلـى الإصـلاحِ، لكـنْ
سلكتْ دربـاً إلـى الإِفسـادِ أَوْصَـلْ
كُـلْ مِـنْ الجثَّـةِ لحمـاً بالمـآسـي
وبجـور المعتـدي الباغـي مُتـبَّـلْ
كُلْ، وكُلْ - يا كَلْبُ - من لحمِ قتيـلٍ
أرضُـه بالغـارة الشَّعـواءِ تُقْـتَـلْ
جـثَّـةٌ جهَّـزَهـا رشّــاشُ بــاغٍ
وشواهـا, وإلـى نـابِـكَ أَرْسَــلْ
كُـلْ مِـنْ الجثَّـةِ فالظَالِـمُ أعطـى
لـكَ حـقَّ الأَكْـل والنَّهْـشِ وحلَّـلْ
لا تَخَفْ، أنـتَ أقَـلُّ القـومِ جُرْمـاً
أنتَ لـم تفعَـلْ كمـا الظالـمُ يَفْعَـلْ
أنـتَ لسـتَ الآكِــلَ الأوَّلَ منـهـا
فرئـيـسُ الفِـرْقـةِ الرَّعْـنـاءِ أوَّلْ

**
أتعبـت الأرضَ صراعـاً وخـلافـاً
وحروبـاً، حقـدُه فيـهـا تـأصَّـلْ
أشعـل الحقـدَ الصليـبـيَّ، فلـمـا
أبصر النَّارَ، انتشـى عُنْفـاً وأَشْعَـلْ
هكـذا الإصـلاحُ فـي منطـقِ بـاغٍ
كلَّمـا بَـانَ لَــهُ الـحـقُّ تــأوَّلْ
سمـع المصلـحُ بالظـلـم، فألـقـى
كلَّ مـا فـي يـده اليُسْـرَى وعجَّـلْ
أرسل الأسطول في الجـوِّ، وأجـرى
في ميـاه البحـر أسطـولاً وحـوَّلْ
هَمُّـه أنْ يـرفـع الظُّـلْـمَ بظـلـمٍ
ويُلاقـي معـول الـهـدمِ بِمِـعْـوَلْ
همُّـه أنْ يمـنـح الأمــنَ عـراقـاً
فأتـى بالقـوَّة العُظْمـى وجَلْـجَـلْ
جاء بالأمـنِ، ولكـنْ فـي الشَّظايـا
والصواريخ وفـي الغـازِ المُخَـرْدَلْ
أَمْنُـه يقـتُـل أطـفـالاً صـغـاراً
ونسـاءً، فهـي شــيءٌ لا يُعَـلَّـلْ
صـورةٌ للأمـنِ لا يُـبـدعُ فيـهـا
- بعد شارون - سوى الرَّاعي المؤَهَّلْ
صـورةٌ شَوْهـاء لـلأمـنِ رأيـنـا
وجهَهـا الكالـحَ فـي شَعْـبٍ يُقَتَّـلْ
يَهْـدِمُ المسجـدَ والـدارَ، ويرضَـى
حينمـا يُبـصـر بيـتـاً يتـزلـزلْ
صـورةٌ شَوْهـاء لا ينـفـع فيـهـا
بُـوْقُ إعـلامٍ، ولا عُـذْرٌ مُهَلْـهَـلْ
صـورةٌ للأمـنِ يـا ضيعـةَ أمــنٍ
عنـد قـومٍ حقدهـم فيهـم تَغَلْـغَـلْ
لـو سألنـا عنـه بغـدادَ، لقـالـت
فـي دَمِ الفلُّوجـةِ القـولُ المفصـلْ
قصَّةٌ يـا كَلْـبُ، لـو يسمـع عنهـا
جَبْـلٌ صَلْـبٌ عظيـمٌ مـا تحـمَّـلْ
قصَّـةٌ تبـدأ مـن آخــر سـطـرٍ
كتبتـه الرِّيـحُ فـي صَفْحـةِ جَنْـدَلْ
نقـل البـركـانُ منـهـا كلـمـاتٍ
لم تكـن، لـولا فَـمُ البُرْكـانِ تُنْقَـلْ
أيُّهـا الآكِـلُ مــن لـحـم قتـيـلٍ
ودَّع الأوهـامَ، والعَصْـرَ المُضَلَّـلْ
أنـتَ يـا كَـلْـبُ مـثـالٌ لـوفـاءٍ
فلمـاذا طَبْعُـكَ - اليـومَ - تحـوَّلْ
هل رأيـتَ الآكـلَ الغاشِـمَ يَسْطـو
فتمثَّـلْـتَ بــه فيـمـن تمـثَّـلْ؟؟
إنهـا جُثـةُ مَـيْـتٍ لـيـس فيـهـا
غيـر سُـمّ يقتـل الجانـي وحنظَـلْ
إنَّـهـا جُـثَّـةُ إنـسـانٍ، فـهــلاَّ
كنتَ يا كَلْـبُ مـن المحتـلِّ أَفْضَـلْ






للشاعر عبد الرحمن العشماوي