هموم يومية
شفط المواطن
حمود أبو طالب
قبل أيام لفت نظري كاريكاتير في صحيفة الرياض يمثل أحد المواطنين وهو يتحدث لمرافقه في السيارة قائلا: إذا أسرعنا راح نصف الراتب لساهر، وإذا تأخرنا راح نصف الراتب خصميات.. ومع إقرارنا بأن الإنسان لا يجب أن يتجاوز السرعة المسموحة أو يتأخر عن عمله، إلا أن موضوع الغرامات المختلفة التي أصبحت مفروضة على المواطن يجب إعادة النظر فيه ليكون منطقيا وعادلا، وأن تكون الأنظمة التي تحكمها واضحة لا تسمح بالالتفاف عليها والتحايل على بعض تفاصيلها لمصلحة شخصية يكون المواطن هو المتضرر الوحيد منها.
مسألة خصخصة بعض الخدمات وتحويل إداراتها إلى مؤسسات تجاوزت مبدأ تحسين الخدمة إلى ما يشبه الجباية. المواطن الذي كان يعيش فوضى خدماتية عارمة ما ذنبه أن يدفع اليوم ثمنها وأن يتحمل نتيجتها؟.. أحد المواطنين فاجأته شركة المياه بإلصاق قسيمة على باب منزله لكي يراجعها لدفع قيمة مخالفة بالآلاف، هكذا وبكل بساطة.. لم يطرق أحد بابه ليستفسر منه ويأخذ حقيقة المعلومات وتفاصيلها.. هذا المواطن بنى منزله قبل أن تنشأ وزارة المياه والكهرباء وقبل أن تنشأ مؤسستها الأسطورية للمياه. ذهب المواطن إلى المؤسسة ليفاجأ بأن هناك توثيقا لمنزله بالصور وصورة لتوصيلة المجاري موضوع المخالفة، لكنها صورة منفصلة لا أحد يستطيع الجزم بأنها جزء من البيت.
المهم، وكما هي الطريقة المعتادة على المواطن أن يدفع ثم يبدأ بالاعتراض، لكن هذا المواطن لا يقبل الأمور على علاتها وأصر على الاعتراض لأن لديه عقدا وتصريحا من مصلحة المياه والمجاري حين بنى بيته قبل عشرات السنين ولم يعترض أحد أو يتهمه بمخالفة إلا حين نشطت مؤسسة المياه قبل أيام.. المؤسسة بدأت التفاوض مع المواطن لحل المشكلة وديا، وهذا دليل على ضعف موقفها وأنها تطالب بالباطل، وسنرى إلى أين تنتهي الحكاية.
النظام مطلوب. والقانون يجب أن يطبق على الجميع، لكن أن تنشأ شركات وتصير مفلوتة على المواطنين لشفط جيوبهم دون حسيب أو رقيب، فذلك ما يجب أن تنتبه له الدولة لتحميهم من مؤسسات وشركات ظاهرها الحق وباطنها الباطل.. كل الباطل.
رد مع اقتباس
