مثااااااااااااال ورساااااااااااااااااااااااااله


بعض العقول تغرق في المثال دون الفكرة ، فتستلهك جزءًا من نشاطها العقلي على سطح المثال ، دون أن تتقلب في عمق الفكرة ، وبالرغم من هذه الإشكالية ؛ إلا أنّ الأمثلة كانت وما زالت : من أقرب الطرق الموصلة للأفكار ، وههنا عرض لأفكار بسيطة من خلال أمثلة بسيطة .

المثال الأول : تخيل وجود بساطٍ معلقاً في الهواء ، فإن علقته من طرف واحد ؛ كانت بقية الأطراف الثلاثة متدلية ، وإن علقته من طرفين ؛ بقي الطرفان الآخران متدليان ، وإن علقته من ثلاثة أطراف ؛ كان الطرف الأخير وحده المتدلي ، فإن علقته من أطرافه الأربعة : أصبح مستويًا مستقرًا تام الانبساط !

الرسالة : النفس البشرية كهذا البساط ؛ فكلما زادت العلائق مع الله : زادت في الاستقرار والسكينة والانبساط .
**

المثال الثاني : تخيل وجود مخزنٍ منزوع السقف ، وله باب مغلق بإحكام ، وكلما أردت أن تخزن فيه شيئًا ؛ رميته من فوق الجدار ، فتتراكم الأشياء في داخله من دون ترتيب ! فيصبح المظهر مشوهًا ، واستخراج الأشياء منه متعذرًا .

الرسالة : المخزن = عقلك ، والأشياء = المعلومات التي تدخل دون تنظيم وترتيب ودون وعي منك أو طلب ، فلتستفيد منها : أدخلها بنظام من الباب.
**

المثال الثالث : تخيل غريقًا في أحد المستنقعات الثرية بالوحل والطين ، وحوله سباح ماهر يجهل مكانه بالتحديد ؛ فطلب من الغريق أن يخرج يده : فينقذه ، ولكن الغريق يصر على أن تتم عملية الإنقاذ دون أن يصنع شيئًا !

الرسالة : لن تُحل مشكلتك بمساعدات الآخرين فقط ، فلا بد من أن تساعد نفسك وتساعد غيرك على الحل !
**

المثال الرابع : تخيل عمارة مكونة من عشرين طابقًا ، وفي كل طابق عشرون غرفة ، في إحدى هذه الغرف أشياء مهمة تعنيك ، ولتحصل عليها : إما أن تختصر الوقت والجهد بسؤال صاحب العمارة أن يذكر لك الغرفة تحديدًا ، أو أن تستهلك وقتك وجهدك بالبحث في جميع الغرف !

الرسالة : سؤال أهل الاختصاص : يختصر المسافات ويهديك ثمرات الأعمار .
**

المثال الخامس : السيارة تعمل بالوقود ، فإذا نفد : توقفت ، ويمكن لها أن تسير بدون الوقود من خلال دفعها أو سحبها ؛ ولكن مهما طالت مدة الدفع ، فإنها ستتوقف بمجرد توقفه !

الرسالة : يحتاج الآخرون إلى التقدير ليستمر تواصلهم معك ، ومهما دفعتهم أسباب للتواصل دونه : فسيزول بمجرد زوالها !
**

المثال السادس : تخيل معي ضوء القمر أول الشهر ووسطه وآخره ، هلال ثم بدر ثم هلال مرة أخرى ، وهلاله لم يقلل من شأن بدره !

الرسالة : لا تنتظر من الآخرين أن يكونوا بدرًا دائمًا !
**

المثال السابع : تخيل معي فئات أربع من الناس : الأولى : تجلس على شاطيء البحر ، والثانية تسبح على السطح وتتبادل الأحاديث مع الأولى ، والثالثة غاصت إلى العمق بحثًا عن درر ، فلما وجدتها بدأت تتحدث –في الأعماق- عن جمالها ولونها وشكلها : ولكن من فوق لم يسمع ، ومن سمع لم يفهم ؛ لأن الأحاديث تحت الماء غير مفهومة ، والرابعة : غاصت ثم خرجت إلى السطح ومعها دررًا محمولة : وبدأت تشرح للآخرين أمورًا يرونها مفهومة !

الرسالة : هذه أحاديث الناس ، فالفئة الأولى : عامة الناس ، والثانية : المثقفون ، والثالثة : النخبويون ، والرابعة : المعلمون النادرون