ايه االاخوة الكرام كم مرة عضَ اليهود يدًا امتدت إليهم بالسلام! وكم مرة نقضَ اليهودُ عهودًا أبرموها ومواثيق عقدوها! لقد قال الله تعالى مجليًا حقيقة عهودهم ومواثيقهم: الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ[الأنفال: 56]، وقال سبحانه: أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ[البقرة: 100].
هذه شهادةُ القرآن، فما شهادةُ الواقع على هؤلاء الأقوام؟ لقد عاهدهم الرسول ، وكتبَ بينه وبينهم كتابًا حين وصل المدينة، فهل التزمَ اليهودُ العهدَ واحترموا الميثاق؟ كلا، فقد غدرَ يهودُ بني قينقاع بعد غزوة بدرٍ وانتصار المسلمين على المشركين، والمعاهدة لم يمض عليها إلا سنةٌ واحدةٌ. وغدرت يهود بني النضير بعد غزوةِ أحدٍ وتجرؤوا على المسلمينَ بعدما أصابهم في غزوةٍ أحدٍ. وغدرت بنو قريظة عهدَهم في أشدِ الظروف وأحلكها على المسلمين يوم الأحزابِ. فإذا كانت هذه أخلاقُهم مع من يعلمون صدقه ويعتقدون نبوتَه فهل يُرجى منهم حفظُ العهودِ مع الآخرين؟! وهل يُتوقع صدقُ اليهود في معاهداتِهم مع من يرونهم أضعف قدرًا وأقلّ شأنًا؟!
ايه الاحبة إن اليهود قومٌ بهتٌ خونةٌ كما قال ذلك عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه الذي كان يهوديًا فأسلمَ، وهم ينظرون إلى العهود والمواثيق التي يوقعونها مع غيرهم أنها للضرورةِ ولغرضٍ مرحلي ولمقتضياتِ مصلحةٍ آنيةٍ، فإذا استنفد الغرضُ المرحلي نقض اليهود الميثاق من غير استشعارٍ بقيمٍ أدبيةٍ ولا اعتباراتٍ أخلاقيةٍ ولا بمواثيقٍ دوليةٍ.
ايه الاخوة إن مما نبه عليه القرآنُ وبتنا نراهُ في واقعِنا اليوم أن اليهودَ حين ينقضون العهودَ لا ينقضها جميعُهم في وقتٍ واحدٍ، وإنما ينقضها فريقٌ دونَ آخر، فإن أصابه سوءٌ تظاهر الفريق الآخرُ بالمحافظةِ على العهدِ، وإن استقامَ لهم الأمرُ تتابعوا في النقضِ، ومشى بعضهم وراءَ بعض، قال سبحانه: أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ.
واليوم الواقعُ اليهوديُّ يصدقُ ما أخبرَ اللهُ تعالى عنهم، فها هم حزبٌ يدعو إلى السلامِ، وحزبٌ آخرُ يجاهر بالعداوة، هذا يجلسُ على مائدةِ المفاوضاتِ، والآخرُ يُعملُ سلاحَه، فإذا أمنوا تهالكوا جميعًا في الحقدِ والبطشِ والمكرِ، هكذا هم اليهودُ، فتبًّا لمن لم تعظهُ حروف الزمان.

ومن لم تعظه حروفُ الزمانِ وكيدُ الليالي يعيش مستضاما

وللحديث بقيه ولكم مني فائق التحية