أذكر صباحات الرياض جيداً

أذكر صباحات الخميس جيداً

أذكر غرفتي الصغيرة , مكتبتي الصغيرة , سريري الصغير جداً

خزائني الممتلئة , جهازي البالي , سجادتي الملطخة بالألوان الزيتية

صناديقي المعبأة بالأوراق والألوان والفُرّش والمقصات واللُوح ..

أذكر خيوط الشمس المتسللة عبر ستائري التي لم أحب لونها يوماً

أذكر بابي الصغير , والمخزن المقابل لبابي الصغير , والحمام المجاور لبابي الصغير

وسقوطي يوماً أمام هذا الباب الصغير , وجلوسي يوماً خلف ذلك الباب الصغير

والباب الزجاجي الآخر

وخروجي من ذلك الباب الآخر في ليالي / وصباحات المطر القليلة

واختناقاتي داخل تلك الغرفة الصغيرة

وقراءاتي , وكتاباتي , ودراستي , ومهاتفاتي

واليوم الذي انتقلت فيه إلى تلك الغرفة

والسنتين التي مضت قبل انتقالي إلى تلك الغرفة

والظلام في تلك الغرفة , والنور العالي في تلك الغرفة

والشمعة في تلك الغرفة , ونور الكبريت في تلك الغرفة

والسرير بقرب الباب , والسرير بقرب البلكونة , والسرير بين الجدارين

وأمي تجلس على طرف السرير , وأخي يجلس على ذات الطرف

وأختي تجلس على الكرسي

وأخوتي يتضاربون في المساحة الصغيرة المحدودة ..

أذكر الممر الطويل أمام تلك الغرفة

وغرفة أختي الكبيرة التي في أول الممر

وغرفة أخوتي , وغرفة والديّ

والدرج الطويل وسقوطي الآخر أمام الدرج الطويل

وقفزي لسلالم الدرج الطويل , ووقوفي في أسفل الدرج الطويل كل عزيمة

والصالة , والمجالس , والمطبخ , والمسبح , والزجاج في كل مكان

والضوء في كل مكان , والفقد والاجتماع والغداء والعشاء والإفطار

والضحك والبكاء والرقص , وعودتي من المدرسة, وعودتي من الجامعة

وعودتي من المركز , وعودتي من معرض الكتاب , وعودتي من منزل أروى

وعودتي من منزل سمية , وعودتي من منزل ندى

وعودتي من منزل عزيزة , وعودتي من السوق

وعودتي من المكتبة , وعودتي من الطبيب , وعودتي من ” طلعة أي طلعة “ ..

أذكر كُل شيء تماماً .

وكم يقتلك أن تذكر ما كان لك يوماً , والذي لم يعد لك .