حكاية مقال منع من النشر !
محمد الرطيان
كان يمتدح المسؤول ويصف جلده وصبره في استقبال المئات من المواطنين: هذا يحتاج إلى تحويل إلى المستشفى ، والآخر يطالب باستعادة أرضه في قريته النائية ، وثالث يحتاج إلى مساعدة ، ورابع وخامس وعاشر ، وكل منهم لديه مسألة تحتاج إلى حل أو قضية عالقة في إحدى الإدارات ... وكان الزميل في مقاله يمتدح المشهد والزحام ولم يكن يعلم أنه يهجو مؤسسات الدولة التي لم تستطع خدمة هؤلاء فلجأوا إلى المسؤول !
مسؤول التحرير الذي نشر مقاله لم يسمح بتمرير مقالي المخالف له :
الزميل كان يُشيد بالخلل القائم .. وأنا كنت أريد أن أكشف الخلل وأحلل اسبابه .
الزميل ، حتى وإن بدا أنه مع المسؤول ، فهو ضده : لأنه يكذب عليه .
أنا ، حتى وإن بدوت أنني ضده ، فإنني معه : لأنني أقول له الحقيقة .أردت أن أقول بمحبة : هذا الشكل من الإدارة لم يعد له وجود ..
أردت أن أقول بصدق :
أن يأتي إليك مواطن لتنجده في الحصول على سرير هذا دليل خلل عظيم في المؤسسات الصحية وادائها .
أن يشد الرحال إليك رجل ليستعيد حقه في أمر ما فهذا هجاء للقانون الذي لم يستطع أن ينصفه .
أن يلجأ إليك مواطن لانجاز بعض المسائل العالقة في بعض المؤسسات فهذا هجاء للمؤسسات التي جعلته يلجأ إليك وخلل في أدائها .
هذا الزحام وتلك الفوضى هجاء للأنظمة نفسها .
أردت أن أخبره : لا تُصدق من يمتدحك ويهجو مؤسسات الدولة !
لا تصدقه .. فهو إما أحمق لا يرى ما يجب أن يُرى ، أو أنه يراه ويقلب الصورة لـ ( يستفيد ) مما يكتبه على حسابك وحساب الدولة !
ورفض مسؤول التحرير نشر المقال !.. لماذا ؟ .. لا يوجد سبب واضح :
لعله يظن أن المسؤول لا يريد أن يسمع الحقيقة ... وإن ( بعض ) الظن أثم .
لعله يرى أن لـ ( الرأي ) حدودا يجب أن لا يتجاوزها !
لعله لا يعيش في العصر الذي أعيش فيه ، ولم يسمع بمنابر النشر الإلكتروني ، ويظن أنه يملك المنبر الوحيد في البلد .
لعله يشبه الكاتب الذي كتب المقال : « يرى « ويقلب الصورة بشكل مفيد !

من أجل الدولة ، ومن أجل الوطن والناس ، ومن أجل المسؤول ، ومن أجل المستقبل ، ومن أجل النزاهة والشرف :
يجب أن نقول لـ « المسؤول « ما يجب أن يقُال .
ويجب - قبل هذا - أن يسقط النموذج الذي يمثله الزميل .