السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




السّاعة الـ 6:30 صَ ..





رجلٌ مسن , يمشي على ثلاث ..


عصاه لا تفارق يده و لولا حاله المُتعسرة لـ أشترى كرسياً كهربائي !


يخرجُ من منزله .. يعرجُ في الطريق كأنه سفينة قديمة تواجه أمواج البحر العاتية ..


يقطع الشارع تلو الآخر , يعبرُ الطرقات لـ" وحده " قاصداً دكان الحي لـ يشتري الخبز له و لعائلته الصغيرة ..


لا يمد يديه مهما بلغت به الحاجة لـ أياً كان , من العفة الكُل يشاهد ابتسامته المفضوحة فـ ابتسامته شاحبة و يدّعي أنه بخير ..


بعد كل تلك السنوات من الكفاح , و الظروف القاهرة لا زال يعرجُ لـ أجل تلك الفتيات ..


يحملُ ما يشتري و يعود من الطريق الذي جاء عبره ..


تارة يتوقف من شدة الألم في ركبتيه , و تارة يوشك أن يسقط و تسقط معه سنوات كفاحه ..


كل ما يعاني منه هو الفقر , و كل ما لا يحتمله هو الفقر !


و على هذه الحال إعتاد أن يفعل ...




في بعض الأحيان ( أحيان قليلة ) يصادفه أحد فاعلي الخير ..


و يُقسم بأنه لن يتحرك حتى يقلّه لـ منزله / لكنها أحيانٌ قليلة .. أحيانٌ قليلة يشعرُ بأن هذا العالم لا زال يشعرُ به !




كبار سن كُثر هم على حالته , يعانون كما يعاني .. بل أكثر


كبار سن كُثر أفنوا أعمارهم لـ بناء هذه الأمة , لكن الأمة خذلتهم حتى أصبحت حالهم لا تطاق !


هم كثر .. ما بين البنايات الشاهقة التي نظن بأن أهاليها يعيشون برفاهية / تجد كبار سن مرضى لا يجدون ما يتعالجون به ..




أعلمُ بأنهم لا يريدون الكثير .. يريدون فقط " الإهتمام " فـ جلّ حاجتهم ذلك !


يريدون ألا يسألوا الناس لـ إطعام فتياتهم العفيفات الذي لم يُقدر لهن الزواج ..


يريدون أن يصبح بعضاً من العامة كالأبناء لهم , يقضون شيئاً من حاجاتهم العسيرة ..




هم كثر , و لن أطيل .. أولاً لا أريد إشغالكم , و ثانياً لأن حالي يُرثى لها كلما تذكرتُ صورة ذلك الأعرج الذي توفي قبل سنوات


لافضاً أنفاسه الأخيرة في طريق فارغ إلا من أمنياته الصغيرة !






كونوا لهم أبناء يارف