تدور الكاميرا في قمة قطر لتعرض أماكن وفود بعض الدول العربية: العراق، مصر، سوريا، ليبيا، الصومال، لتستعرض صور زعماء مؤقتين يمثلون دوﻻ‌ على حافة اﻻ‌نهيار، ووفودا توافقية تم تجميعها على عجل كي تسد الفراغ في هذه الملتقى الدوري الذي تراجع اﻻ‌هتمام بمتابعته، بينما يحاول المخرج توجيه المصورين كي يركزوا كاميراتهم على وفود الدول الصغيرة التي كان حضورها هامشيا في القمم العربية فيما مضى من الزمان؛ كي يضفي شيئا من القوة والتماسك على هذا المشهد الضعيف.******لو عرض المخرج شريطا قديما لقمة عربية سابقة ومرت خﻼ‌له الكاميرا على ذات الوفود لشعرنا بأننا أمام دول أخرى تماما غير التي نشاهدها اليوم، فتلك الدول كانت هي المشارك الرئيس في صنع القرار العربي، واليوم لم تعد تملك حتى قرارها الداخلي، بل إنها تحتاج تدخل الدول الصغيرة كي تستطيع تشكيل وفد يمثلها في هذه القمة!.******من السهل أن نقول بأن الربيع العربي هو الذي أضعف هذه الدول وأوصلها إلى هذه الحال البائسة، ولكننا في هذا التحليل نتجاهل السبب اﻷ‌ساسي، وهو أن الطغاة الذين كانوا يحكمون هذه الدول القوية ربطوا مصيرها بمصيرهم الشخصي وجعلوا كل مؤسسات الدولة مرهونة ببقائهم، اختطفوا الجيش والمخابرات واﻹ‌عﻼ‌م والبنوك وتﻼ‌عبوا بتوازنات المجتمع، زرعوا قصص الثأر في
كل الحارات، خبأوا النعرات والعصبيات العرقية والطائفية في كل البيوت الصامتة، وما أن خرجوا من المشهد حتى عمت الفوضى في كل أرجاء البﻼ‌د.******كانت القمة العربية تتلخص في مشهد 21 دولة عربية تحاول حل مشكلة فلسطين، ثم أصبحت 20 دولة تحاول حل مشكلتي فلسطين ولبنان. ثم 19 دولة تحاول حل مشاكل فلسطين ولبنان والصومال، وفي القمة العربية اليوم تحاول 11 دولة حل مشكلة 11 دولة عربية كبرى، ترى كيف سيكون المشهد في قمة قطر بعد 10 سنوات؟!.******رحل الطغاة وتركوا في قلب كل مواطن مسحوق طاغية صغيرا يريد أن تسير اﻷ‌مور على هواه؛ لذلك حاول كل من كسب في لعبة اﻻ‌نتخابات أن يلغي وجود اﻵ‌خرين، غاب الديكتاتور وبقيت الديكتاتورية، تشرذم القوم ونسوا أنهم كانوا في صف واحد ضد الطاغية الذي كان يساوي بينهم في الظلم، فتفرقت صفوفهم لتثبت اﻷ‌يام أن ﻻ‌ أحد سواه يستطيع توحيدهم.. سواء كان يوحدهم معه أو يوحدهم ضده!.******في قمة قطر.. حضرت اﻷ‌عﻼ‌م وغابت الدول.. تغيرت الوجوه واﻷ‌سماء والخطابات وتﻼ‌شى القرار!.