نغتر في هذه الحياة عندما تفتح لنا أبواب السعادة وتنسينا كثيرا من الأمور المهمة، وهي زيف بعض الأصدقاء وغرور أهل المناصب ومن هم في مواجهة الجمهور وخاصة السكرتارية ومديري المكاتب والمسؤولين عن أحوال وشؤون المواطنين، ونسوا المثل (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك)، فلا تحزن إذا تعرضت يوماً لتكشيرة من صديق بعد أن تقلد منصبا، لأن الحياة مدرسة وكلما كان الدرسُ أشدَّ وقعاً وقسوةً فإنك تتعلمُ منه الكثيرَ والكثير، ويرسخُ في ذاكرتك مدى الدهر وتعاقب الأيام، كنتَ في منصبك ذات يوم، وكنت ترى الأصدقاء يأتون إليك زَرافات ووُحدانا، بل كنت تراهم دائماً عن اليمين وعن الشمال أما الآن فليس لك ـ يا صاحبي ـ إلا الذكرياتُ المريرةُ، وعلمتَ أن معظم أصدقائك كانوا سحابةَ صيفٍ انقشعت، وتيقنت أنك كنت تعيش في وهم وخيال، مخدوع من يظن أن كلَّ من يسلم عليه بحرارة صديقٌ وفِيّ، وكلَّ من يتشوق للقائه بلهفة أخٌ حميم، وكل من يبتسم ثغرُه وتنبسط أساريرُ وجهه صاحبٌ أمين، فكم من إنسان يسلم عليكَ بحرارة، ولكنها حرارةُ صدره الذي يتلظّى حقداً وحسداً.

الشيخ \ محمد بن أحمد الناشري
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130404/Con20130404587175.htm