نحو تطوير الذات:
.. مبدأ كيري جليسون في برنامج الكفاءة الشخصية
حياتك ليست حالة طوارئ!

اعتاد البعض على تعطل سيارته بسبب نفاذ الوقود بها لأنه أجل إعادة ملئها بالوقود حتى آخر لحظة ثم لم يجد محطة قريبة، وآخر تكرر معه كثيراً أن تُفصل الخدمة من جواله أو التيار الكهربائي في منزله بسبب تأخره في سداد الفاتورة، وغيره كثيراً ما يُلغى حجز سفره لأنه تأخر في شراء تذكرة الطيران.. وفي بيئة العمل تحدث أمور مشابهة، فهناك من يؤجل تنفيذ مهام عمله ولا يبدأ ينفذها إلا في آخر لحظة، فيكون في عجلة مستمرة، وارتباك متواصل، وكأن حياته حالة طوارئ.. فيفشل في إنجاز بعضها في الوقت المناسب، أو يتنازل عن جودتها مضطراً، فيتحمل خسائر كبيرة تؤخر إنجازاته، وتقتل نجاحاته، وتشعره بالذنب.

اكتشف علماء مهتمون بدراسة التسويف أن تلك العادة السلبية ليس لها علاقة بإدارة الوقت أو توفره، ولكنها عادة غير مبررة أدمن عليها البعض وصاروا يمارسونها بأعذار واهية مثل: "لدى وقت كافٍ لتنفيذ هذه المهمة" أو "لست في المزاج المناسب لتنفيذها الآن"، أو "سأنفذها غداً صباحاً إن شاء الله عندما أكون (مروّق)"، ولكن الحالة تستمر، والمهام تؤجل، والفعالية تقل، والإنتاجية تنخفض.. فما الحل؟

يتحدث المؤلف كيري جليسون في كتابه "برنامج الكفاءة الشخصية" عن مبدأ بسيط وفعال أسماه: "مبدأ افعله الآن"، ويعتمد هذا المبدأ على فكرة تنفيذ أي بند فور لمسه أو قراءته، فهو يحوّل يدك إلى عصا سحرية تنفذ كل ما يقع فيها من مهام فوراً، فإذا أخذت ورقة تستدعي إجراء اتصال ما مثلاً فلا تنزل الورقة من يدك إلا بعد أن تبدأ بالاتصال، وإذا قرأت بريداً ينبغي عليك الرد عليه فتبدأ بذلك الآن، وهذه الطريقة تمنعك من إضاعة الوقت في التعامل مع أمور لن تنفذها.

ويقدم كيري جليسون أيضاً في كتابه فكرة جميلة أخرى لزيادة الإنتاجية ومكافحة التأجيل يمكنك تطبيقها بسهولة، وهي أن تسأل نفسك في بداية اليوم: ما هي أسوأ الأشياء التي يجب علي فعلها الآن وتفعلها فوراً.. ثم تسأل نفسك نفس السؤال قبل نهاية الدوام بساعة وتفعله فوراً، فتخرج من عملك بنفسية راضية وإنجاز كبير وقد تخلصت من أسوأ المهام التي اعتدت أن تحمل همها في قلبك حتى خارج الدوام أحياناً.

إن مبدأ "افعله الآن" كفيل بأن يغير حياتك إلى الأبد، ويزيدها استقراراً، فحياتك ليست حالة طوارئ تقضيها مسرعا في تنفيذ مهامك في لحظاتها الأخيرة.. افعله الآن، فلا يصل القمة كسول، اعمل بجد ولا تسمح لعادة سلبية أن تؤخر حياتك، أو تعطل إنجازاتك، ولا تكن نفسك عائقا لنجاحاتك.. افعله الآن، ولا تربك حياتك بتأجيل أي أمر هام، وإن كان هناك متسع من الوقت لفعله.. افعله الآن وتخلص منه إلى الأبد.