من القصص الملهمة التي تبين كيف يكون طموح الشاب السعودي المخلص وايضا اظهرت ان صناع النجاح هم المعلمين المخلصين والعسكريين المخلصين والزوجة المخلصة والأسرة المتفهمة

الأربعاء****26 ديسمبر 2018 KSA 13:48 - GMT 10:48****
تارخ النشر:****الأربعاء****26 ديسمبر 2018 KSA 12:09 - GMT 09:09

الرياض – محمد جراح

لشاب السعودي يحيى الوداني

قصة شاب سعودي.. من المدفعية للعمل بالبيتزا لدراسة الطب

"كل إنسان منا بداخله نقاط تحول يتغير معها مسار حياته"، بهذه العبارة بدأ الشاب السعودي،****#يحيى_الوداني، ابن محافظة (الشقيق) بمنطقة****#جازان(جنوب غربي****#السعودية****) حكايته لـ"العربية.نت"، وروى تفاصيل مثيرة وغريبة ساهمت في تغيُّر مسار حياته، بدايةً من عمله عسكرياً برتبة عريف في الجيش بوظيفة رامي مدفعية (هاون) في الحد الجنوبي، إلى شاب يرتدي#المعطف_الأبيض****في كلية الطب، ويطمح في يوم ما للتخصص في جراحة الأورام، وما بين الضفتين كانت لديه قصة وسهر وتعرض لأزمات باح ببعض تفاصيلها وتستحق الاستمتاع بقراءة فصولها.

أزمة عائلية.. من الدراسة للجيش

عن تلك الرحلة الشيّقة والشاقة في الوقت نفسه، قال يحيى: "درست المرحلة الابتدائية كاملة في الدمام، بالإضافة إلى أول سنة من المرحلة المتوسطة، بحكم عمل والدي هناك، وبعد تقاعده عدنا إلى قريتنا وانقطعت مكرهاً عن الدراسة لمدة 4 أعوام، بسبب ظروف عائلية"، وأضاف: "بعد تلك المدة كانت هناك محاولات من المعلمين في (الشقيق) وإلحاح منهم على عودتي إلى مقاعد الدراسة وأدخلوني مدارس التحفيظ حتى أحصل على مكافأة مالية كي أساعد بها نفسي وأتغلب بها على بعض الظروف"، وواصل حديثه: "أخذت الشهادة المتوسطة وطلب مني المعلمون إكمال الثانوية العامة، إلا أنني فضلت العمل لأساعد أسرتي التي كانت تحتاج إلى وقفتي المادية، فالتحقت بالجيش دون علم المدرسين، الذين ظنوا أنني دخلت الثانوية".

وأوضح يحيى الوداني أنه عاد إلى المنطقة الشرقية مجدداً، وذلك بعد تعيينه في قطاع سلاح المشاة هناك، وأمضى هناك فترة دامت 6 أعوام دون أن يفكر فيها بالعودة إلى مقاعد الدراسة، إلا أنه في يوم من الأيام فوجئ باتصال هاتفي من أحد معلميه القدامى في (الشقيق) اسمه عبدالرحمن علي مطمي، يقول يحيى: "هذا المعلم هو بطل القصة ولستُ أنا، من أول مكالمة سألني أين أنت اليوم؟! هل أصبحت مهندساً أو بت زميلاً معلماً؟ فصدمته بأنني لم أكمل تعليمي، فقال لي توقعت أنك في مكان ورتبة أعلى وذلك ليس قصوراً في عملك الحالي بل كنت أتمنى ألا تتوقف عن إكمال تعليمك"، وأضاف: "بين فترة وأخرى يتصل بي لإقناعي بالعودة للدراسة وكنت أعطيه الوعود تلو الوعود بلا تنفيذ، فقال لي يا يحيى إذا درست ستسهل ترقياتك في العسكرية أليس كذلك؟ قلت له بلى، لقد جاءني من هذا الباب وألحَّ عليَّ في إكمال الثانوية العامة لو بالانتساب، بعدها عندما علم بأنني لم أدرس أخذ في خاطره مني حتى إنه في إحدى المرات لم يرد على اتصالاتي".

نصيحة معلم ووقفة لواء

وذكر يحيى الذي كان من الطلبة النجباء عند معلمه، الذي حاول شحذ همته للعلم أكثر من مرة أنه بعد 6 سنوات شعر بالحياء وأهمية نصائح معلمه فالتحق بالثانوية بنظام (المنازل) ولم يخبر معلمه عن ذلك، كما شهدت تلك الفترة ترقيته ونقله إلى اللواء الـ(18) في محافظة خميس مشيط (جنوب السعودية) وقال: "بمجرد عودتي للدراسة شعرت بنوع من الحنين لأن أكون طالباً فأصبحت أحضر المدرسين الخصوصيين ليشرحوا لي المواد الدراسية العلمية مثل الرياضيات والكيمياء، وفي الاختبارات أسافر للجنوب لأختبر"، وأضاف: "بعد دخولي ثالث ثانوي اتصلت بالمعلم عبدالرحمن لأخبره أنني أخذت بنصيحته، المهم كملت الدراسة ونجحت بمعدل 96% تقدير ممتاز، وبدوره بث الحماس فيَّ وقال لي ما هي خطتك الآن؟ قلت له سأكمل الجامعة بالانتساب، فقال لي انتظر ليه ما تدرس انتظام؟ حاول جرب"، وأكمل يحيى: "اختبرت تحصيلي، ومن ثم دخلت اختبار قدرات محوسبا، لكن التسجيل في الدفعات الأولى فاتني، وقدمت على جامعة جازان ولم أقبل لأن عمري حينها 26 عاماً، فقدمت على جامعة الملك خالد فتم قبولي في كلية العلوم بقسم الرياضيات، ومن ثم اتصلت بمعلمي لأستشيره فضغط علي بأهمية الالتحاق بالدراسة وسرعة عرض الموضوع على المسؤولين في عملي العسكري الصارم عل وعسى".


إلى هنا بدأ يحيى الوداني الذي ذكر لنا أنه تعلم في العسكرية الرماية وتسلق الجبال، فصل جديد من فصول حياته وبدأ، على حد وصفه، يفكر بالمغامرة إما بالحصول على استثناء أو إجازة أو تفرغ من عمله، ولكن الأمر بدا له بأنه لم يكن سهلاً ويحتاج إلى تدخل رجل يملك إنسانية قبل أن تكون بيده صلاحية وصناعة قرار كما يصف الموقف، يقول يحيى: "فكرت ثم توجهت إلى سعادة اللواء البطل عبدالرحمن أبو جرفة رحمه الله، قائد اللواء الـ(18)، وحين أتيته كان يمارس رياضة المشي فتحدثت إليه وكان يستمع إلي بروح أبوية ومشاعر صادقة، قال اسمع يا ولدي أنا راح أسأل عنك قائد وحدتك إذا أكد لي انضباطك في العمل، أبشر بوقوفي معك"، وتابع يحيى: "اتصل اللواء في اليوم الثاني بقائد الكتيبة وأنا موجود عنده فأخبره أنني من أفضل الأفراد التزاماً وانضباطاً، ومن ثم طلب مني اللواء الحضور إلى مكتبه وقال لي راح أعطيك فرصة إنك تجرب نفسك إذا لقيت نفسك في الدراسة تعال قول لي ما أقدر أكمل عسكرية، ولكن إذا ما قدرت على العلم ارجع هنا ووظيفتك موجودة وأنت على رأس العمل".
وأشار يحيى إلى أنه بعد دراسة سنة في قسم الرياضيات حصل على تقدير ممتاز ومعدلٍ عالٍ ومن ثم حول إلى كلية الطب وتم قبوله، فقرر استشارة الأهل بالفصل النظامي من العسكرية ودراسة الطب، وبعد تأييد حصل عليه بالأغلبية توجه إلى اللواء عبدالرحمن أبو جرفه لشكره وإبلاغه بالمستجدات وعزمه على دراسة الطب وإنهاء إجراءاته في القطاع العسكري، ولم يقصر معه، على حد وصفه، بينما معلمه أكد له مازحاً أنه انتهى دوره إلى هذا الحد، ولكن أصحاب المواقف النبيلة - والحديث ليحيى - طيبُ أفعالهم لا حدود له.

فصل وقرض وأقساط سيارة

كشف يحيى الوداني الذي صار اليوم على بعد خطوات من التخرج أن قرار الفصل لم يكن سهلاً في حياته، لأن لديه التزامات عائلية وأقساط سيارة وقرضا بنكيا كلها اجتمعت عليه، إلا أنه دعوات الطيبين حوله ووقفاتهم كانت تجعله يتخطى العوائق واثقاً، يقول: "زوجتي (أم لمى) تعمل معلمة أقولها بفخر واعتزاز كانت سندي بعد الله في كثير من الأمور التي تتعلق بالمنزل والسيارة وتهيئة المناخ الكامل للدراسة، بينما معلمي الذي أفخر به عبدالرحمن مطمي قد تولى تسديد قرضي البنكي، وأنا أعمل بعد خروجي من الكلية في دوام جزئي بأحد مطاعم البيتزا من الساعة 6 مساء إلى منتصف الليل، وأحمد الله كثيراً أن غمرني بكل هذا التوفيق والمحبة".

كما بين يحيى أن العسكرية كان لها فضل كبير في تعلمه الانضباط والصبر والالتزام في حياته، وقال: "ربما لو أنني لم أدخل العسكرية في بداية حياتي لما استطعت أن أتعلم أشياء كثيرة أو أن أكمل تعليمي وأتخطى المصاعب، وللعسكرية فضل كبير حتى على شخصيتي وطريقة إدارتي للوقت والجهد وأيامي فيها جميلة".
وعند سؤاله عن الشخصية الملهمة له التي يتمنى أن يحاكي إنجازاتها، قال: "في الطب ملهمي الدكتور عبدالله الربيعة الذي وصل إلى الوزارة ولا يزال يرتدي لباس العمليات لفصل التوائم، أتمنى يوماً ما أن أقدم لوطني المنجزات، وأن أكون بقامة الدكتور الربيعة".
ومن جانب آخر تمنى أن تتاح فرصة الخيارات بالدراسة والعمل بشكل أوسع لطلاب الانتساب المكافحين، بحسب تعبيره، وقال: "هذه الفئة من الطلاب لديها أحلام وتطلعات وتتمنى تصحيح مسار حياتها، وعدد كبير منهم مؤهلون ليكونوا معلمين أو أكاديميين أو غير ذلك من التخصصات التي يحتاجها الوطن".
وتطرق يحيى الوداني في ختام قصته إلى ما سمَّاه لذّة إكمال الشخص لأحلامه، وأن العمر - على حد وصفه - ليس عائقاً في طريق تحقيق الأمنيات، وأن طاعة الوالدين والصدق والإخلاص وإيمان الشخص بقدراته وإمكانياته هي أقصر الطرق مع توفيق الله للمضي قدماً إلى الأمام.

http://ara.tv/ngj58