*متعة الحياة*

جمال الحياة ولذة الدنيا ومتعة الراحة.. أن نجد التقدير في عيون الآخرين، ونضع الطعام على مائدة المحتاج، ونساهم في إغاثة اللهفان، ونأخذ بيد التائب إلى الصلاح، ونرسم الضحكة على وجه البائس، ونزرع البسمة على شفاة المحروم، ونروي غرس الأمل في نفس اليائس.

التلذذ بالأخذ يشترك فيه معظم البشر، لكن التلذذ بالعطاء لا يعرفه سوى العظماء وأصحاب الأخلاق السامية والعالية.. لأن بهجة العطاء تفوق لذّة الأخذ، فالأولى روحانية خالصة تتملك وجدانك وأحاسيسك والثانية مادية بحتة محدودة الشعور.

*أسرد لكم قصة تنمي جمال العطاء، يقول الراوي:*
كان هنالك شيخاً وطالباً يمشيان بين الحقول فشاهدا حذاء قديماً وعرف انه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبة وسينهي عمله بعد قليل.. التفت الطالب إلى شيخه وقال: "هيا بنا نمازح هذا العامل بأن نقوم بتخبئة حذاءه، ونختبئ وراء الشجيرات وعندما يأتي ليلبسه وسيجده مفقوداً ونرى دهشته وحيرته".

فأجابه ذلك العالم الجليل: "يا بُني يجب أن لا نسلي أنفسنا على حساب الفقراء، ولكن أنت غني ويمكن أن تجلب لنفسك مزيداً من السعادة والتي تعني شيئا لذلك الفقير بأن تقوم بوضع قطع نقدية بداخل حذاءه ونختبئ نحن ونشاهد مدى تأثير ذلك عليه".

أعجب الطالب بالاقتراح وقام بوضع قطع نقديه في حذاء ذلك العامل ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات ليريا ردة فعل ذلك العامل الفقير.. وبالفعل بعد دقائق معدودة جاء عامل فقير رث الثياب بعد أن أنهى عمله في تلك المزرعة ليأخذ حذاءه.

تفاجأ العامل الفقير عندما وضع رجله بداخل الحذاء بأن هنالك شيئا بداخل الحذاء وعندما أراد إخراج ذلك الشيء وجده نقوداً وقام بفعل نفس الشيء عندما لبس حذاءه الاخر ووجد
نقوداً فيه، نظر ملياً إلى النقود وكرر النظر ليتأكد من أنه لا يحلم.

بعدها نظر حوله بكل الاتجاهات ولم يجد أحدا حوله، وضع النقود في جيبه وخرّ على ركبتيه ونظر الى السماء باكيا ثم قال: بصوت عال يخاطب ربه: لك الحمد يارب، علمت أن زوجتي مريضة وأولادي جياع لا يجدون الخبز، لقد أنقذتني وأولادي من الهلاك واستمر يبكي طويلاً ناظراً إلى السماء شاكراً لهذه المنحة من الله تعالى.

تأثر الطالب كثيراً وامتلأت عيناه بالدموع، عندها قال الشيخ الجليل: ألست الآن أكثر سعادة من لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء؟. فلقد أجاب الطالب نعم لقد استشعرت بأن أعظم متع الحياة هي متعة العطاء.

*ومضة:*
اترك جميلاً وخلِّفْ في الورى أثراً وكن كغيمة حبٍّ تُمطِرُ البشرَ كن نسمة في فضاء الكون عاطرةً كن بسمةً في وجوه العالمين تُرى.