هل تلتزم لجنة الفصل في المنازعات بسجن كل مخالف بسوق الأسهم؟
هل تلتزم لجنة الفصل في المنازعات بسجن كل مخالف بسوق الأسهم؟
000
تباينت ردود الأفعال تجاه قرار لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بسجن رئيس مجلس إدارة شركة بيشة (3) أشهر بسبب إدانته بالتداول على سهم شركة بيشة بناء على معلومة داخلية وإلزامه بدفع مبلغ (52.690) ريال قيمة المكاسب التي حققها نتيجة هذه المخالفة الى حساب هيئة السوق، فالجميع يرحب بكل ما يؤدي الى ضبط التداولات بالسوق وتحقيق العدالة بين المتداولين في نشر المعلومات وكذلك في تطبيق العقوبات على جميع المخالفين، إلا أن إقرار عقوبة السجن في هذه الحالة كان يتطلب من اللجنة وهيئة السوق إيضاح المبررات المقنعة لتلك العقوبة التي قد تثير جدلاً كبيراً بين المتداولين مستقبلاً مع كل إعلان عن معاقبة المخالفين لأنظمة السوق ولائحة سلوكياته.
فإعلان هيئة السوق وقرار اللجنة اتضح منهما أن رئيس الشركة استغل معلومة داخلية في تداولاته على السهم - كما هو متعارف عليه في معظم الشركات والحالات التي سبق ضبطها من قبل الهيئة - ولكنه لم يستجب للحضور لمقر اللجنة للمثول أمامها للنظر في الدعوى المقامة ضده وبالتالي صدر الحكم غيابيا، وبسبب عدم استدلال اللجنة على عنوانه نشر الحكم في الجريدة الرسمية، وأصبح الحكم نهائي وواجب النفاذ بعد مرور شهر لعدم اعتراض المخالف، أي انه من واقع مانشر تبين أن المخالفة التي ضُبط بها لم تختلف عما سبق الإعلان عنه بالحالات السابقة والتي أصدرت لجنه الفصل في المنازعات قراراتها بدفع قيمة المكاسب والغرامات التي حققها المخالفون للهيئة والحرمان من العمل بالشركات لسنوات محدده، ومنهم من تجاوزت أرباحه ال(88) مليون ريال ولم يحكم عليه بالسجن.
إننا إذا اعتبرنا أن تلك العقوبات تمثل توجها جديدا ومتشددا مع المخالفين للحد من استمرار التجاوزات والمخالفات بالسوق بغض النظر عن قيمة المكاسب المتحققة، فإن لجنة الفصل في المنازعات أصبحت أمام التزام جديد بسجن أي مخالف يتم ضبطه من قبل الهيئة او على الأقل من يستغل معلومة داخلية في تداولاته حتى تتحقق العدالة ولاتتباين قرارات اللجنة، وهو ما قد يحرج اللجنة عند بحثها للدعاوي التي ستعرض عليها للنظر في مخالفات كبار المضاربين، فالمخالفات ترتكبها محافظ تابعة إما لأفراد او رجال أعمال او شركات او صناديق بنوك..الخ، وسيتحول المحور إلى إدارات الضبط ورفع الدعاوى، وإذا كانت ظروف الدعوى المرفوعة من قبل هيئة السوق ضد رئيس شركة بيشة تختلف عن الحالات السابقة للمخالفين باعتبار أن رئيس الشركة لم يكترث لطلب اللجنة ولم يوفق في تقديره لمخاطر تجاهل تلك الدعوى، فإنه من المؤكد أن هيئة السوق قد طالبت بإيقاع أقصى العقوبات على المخالف وما نخشاه أن اللجنة قد ضمنت حكمها بالسجن –كعقوبة قاسية - باعتبار أن المخالف لم يمثل أمامها للدفاع عن موقفه، فقرار اللجنة يجب أن لا يتأثر بمثول المخالف من عدمه انطلاقاً من ثبوت المخالفة على مرتكبها وذلك حتى تكون قراراتها مستقرة ومقننه تطبق على جميع المخالفين ولاتدخل اللجنة في نفق الاجتهاد، كما يجب أن تنظر اللجنة بأنها مستقلة عن هيئة السوق (كمدع) ولاتنفذ مطالباتها حتى وان كانت تنظيميا غير مستقلة تماما، والمهم أن تنظر في إعادة الحق لمن سلب منه من خلال دفع المكاسب التي يحققها المخالف للمتضررين وليس لحساب الهيئة المشرفة على السوق.
وأخيرا فحسب ماوصلني من بعض القراء فإن هناك حالة إحباط أصابت ملاك سهم شركة بيشة من قرار اللجنة، ففي الوقت الذي ينتظر ملاك الشركة منذ (3) سنوات حلا للمشكلة التي أوقعهم فيها رئيس الشركة بخسارة أموال الدائنين (ملاك سابقين) في سوق الأسهم والتسبب في إيقاف تداول السهم، فوجئوا بأن هيئة السوق قد رفعت دعواها ضده في مخالفة لاترتقي لحجم معاناتهم وكانوا يأملون من الهيئة والجهات المختصة العمل على سرعة إنهاء معاناتهم وإيجاد حل لمشكلة تجميد أموالهم وتحميل رئيس الشركة بمسؤولية ماحدث.
00
صحيفة الرياض
1/9/1430هـ
د.عبدالرحمن الخريف
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البرضاوي
