محمد العشري(ضوء):في كل عام يشهد العالم إبادة جماعية ضخمة ،لا تمت صلة بالحروب أو بالصراعات البشرية ،وإنما تعود إلى شخصية الإنسان الضعيفة أمام ما يعرف بوباء التدخين العالمي، الذي يخلف كل عام أكثر من قتلى هيروشيما وناجازاكي، فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير أصدرته الأربعاء، بشأن "وباء التبغ العالمي،" إن قوانين منع التدخين بصورة كاملة لم تشمل إلاّ 5.4 في المائة من سكان العالم في عام 2008.
وقال التقرير، الذي نشر على الموقع الإلكتروني للمنظمة إن هناك "154 مليون نسمة لم يعودوا معرّضين لأضرار دخان التبغ في أماكن العمل والمطاعم والحانات وغير ذلك من الأماكن العامة الموجودة داخل المباني."
وأضاف التقرير "تمكّنت سبعة بلدان، هي كمبوديا وجيبوتي وغواتيمالا وموريشيوس وبنما وتركيا وزامبيا، من تنفيذ قوانين منع التدخين بصورة كاملة في عام 2008، وبالتالي أصبح العدد الإجمالي للبلدان التي تنفذ تلك القوانين 17 بلداً."
ولفت التقرير إلى أن دخان التبغ غير المباشر يؤدي، كل عام، إلى وقوع 600 ألف من وفاة مبكّرة وعدد هائل من الأمراض التي تسبّب العجز والتشوّهات وإلى خسائر اقتصادية تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية.
ونسب التقرير إلى الدكتور علاء العلوان، مساعد مدير دائرة الأمراض غير السارية بالمنظمة قوله إنه "رغم أنّ الأرقام تشير إلى إحراز بعض التقدم، فإنّ بقاء أكثر من 94 في المائة من الناس دون حماية بقوانين منع التدخين من المؤشرات على ضرورة بذل الجهود في هذا المجال."
وأضاف العلوان "ليس هناك مستوى مأمون فيما يخص التعرّض لدخان التبغ غير المباشر. وعليه لا بدّ للحكومات من اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية شعوبها. ومن الموارد الأساسية في هذا الصدد تقرير منظمة الصحة العالمية بشأن وباء التبغ العالمي، 2009."
ويولي التقرير اهتماماً خاصاً للمادة 8 من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، التي تتناول مسألة الحماية من التعرّض لدخان التبغ. وقد صادق نحو 170 بلداً على الاتفاقية الإطارية التي بدأ نفاذها في عام 2005.
من جهته، قال دوغلاس بيتشير، مدير مبادرة التحرّر من التبغ التي ترعاها منظمة الصحة العالمية، "إنّ المنظمة ودولها الأعضاء بصدد إحراز تقدم فعلي في مكافحة وباء التبغ، ولو أنّ هذا التقدم بطيء نوعا ما. وستمكّن مكافحة التبغ على نحو شامل من مساعدة البلدان على الحدّ من العدد المتنامي للنوبات القلبية والسكتات الدماغية والسرطانات وغير ذلك من الأمراض غير السارية."
وأضاف بيتشير قائلاً "إنّ الناس ليسوا بحاجة إلى سماع أنّ التبغ مضرّ بالصحة فحسب. بل إنّهم بحاجة إلى أن تنفذ حكوماتهم اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية."
وقالت المنظمة "لا يزال التبغ يمثّل أهمّ أسباب الوفاة التي يمكن توقيها، إذ يودي بحياة أكثر من خمسة ملايين نسمة كل عام. ويشير التقرير إلى إمكانية ارتفاع عبء الوفيات السنوية إلى ثمانية ملايين حالة وفاة بحلول عام 2030 إذا لم تُتخذ أيّة إجراءات عاجلة لمكافحة وباء التبغ."