هل أنت شخصية قوية؟
من هو قوي الشخصية؟
كل شاب يريد أن يكون شخصية قوية ، وكل شابة تحب أن يقول عنها أصدقاؤها أنها شخصية قوية ، لكن قلما يتفق الشباب على تعريف الشخصية القوية ، الدليل على هذا أنك لو سألت مجموعة من الشباب عن صفات الشخصية القوية ، فإنك ستجد اختلافات جوهرية في جهات النظر .
قد يقول أحد الشباب أن الشخصية القوية تتمثل في السيطرة على الآخرين ، فالمدرس الذي يضبط الفصل ولا يسمح بالتهريج يكون شخصية قوية ، وحكم المباراة الذي يسيطر على اللاعبين يكون شخصية قوية ، وهذا يعني أن مرادف الشخصية القوية هي الشخصية المسيطرة ، وهو أمر لا يمكن تعميمه..
فقد تكون السيطرة بواسطة التخويف أو الإرهاب أو بالاستعانة بعامل خارجي ، وقد يكون المدرس المسيطر على فصله هو ذاته الذي يقف خائفاً مرتعداً أمام مديره أو أمام الوزير ، وقد تجد هذا الحكم قد أبدى مخاوفه أمام رئيس الاتحاد ، إذن فنحن نرفض تعريف الشخصية القوية بالشخصية المسيطرة..
وهناك تعريف آخر للشخصية القوية يشيع هذه الأيام وهو الشخص الذي يستطيع أن يربح مالاً أكثر من غيره ، والواقع أن هذا التعريف يتهم الكثير من الشرفاء بأنهم شخصيات ضعيفة ، فيكون الجزار أقوى شخصية من وكيل النيابة ، والسمسار أقوى من أستاذ الجامعة ، لذا فنحن نرفض هذا التعريف.
بعض الشباب يعرفون الشخصية القوية بأنه الشخص الذي يستطيع التصرف بنجاح في المواقف المختلفة ، والواقع أن التصرف الناجح قد يكون تصرفاً غير أخلاقي ؛ فقد يكون التاجر ناجحاً في تجارته لكنه قد يستخدم الغش والكذب للنجاح في تجارته..لذا فنحن نرفض أيضاً هذا التعريف..و أما التعريف الذي نقبله للشخصية القوية فهو أنها الشخصية التي تستمر في النمو والتطور السليمين ؛ فصاحب العقلية المتحجرة ضعيف الشخصية ، ومن لا يستفيد من وقته وعافيته وإمكانياته ضعيف الشخصية ، ومن لا يعدل من سلوكه ويقلع عن أخطائه يكون أيضاً ضعيف الشخصية ، فقوة الشخصية تتمثل في القدرة على التفاعل مع المواقف المختلفة ، وتتمثل في القدرة على الاختيار الصحيح والتمييز بين الخير والشر ، والصواب والخطأ ، معرفة الحاضر توقع المستقبل..فبالنمو والتطور تكون الشخصية قوية ومثمرة.
وفيما يلي نستعرض بعض خصائص الشخصية القوية ، وهي الخصائص التي إذا ما توافرت في شخص نستطيع أن نقول عنه أنه شخصية قوية ، مع مراعاة استبعاد الخصائص الوراثية لأننا نعتبر أن قوة الشخصية ليس هبة موروثة بل هي ثمار للجهد الفردي في إحرازها ، ومن هذه الخصائص:
أولاً: إن الشخصية القوية هي الشخصية التي لا يوصد أمامها باب الخبرات ، بل هي تلك الشخصية التي تسعى للإفادة بالخبرات المتاحة ، تقرع الأبواب لتلقي مزيد من الخبرات الجديدة ، وفي المقابل فإن الشخصية الضعيفة هي التي تتقاعس عن التحصيل الخبري من جهة أو التي تتعامى عن فرص تحصيل الخبرة المتاحة ، فينتج عن هذا ما يسمى بالعمى الخبري.
ثانياً: تتمتع الشخصية القوية بما يسمى بالهضم الخبري فلا يكتفي بمجرد تحصيل الخبرات المعرفية أو المهارات أو الاتجاهات ، وإنما يتسم بالقدرة على هضم ما تلقاه وإقامة علاقات ووشائج دقيقة ومتكثرة فيما بين العناصر التي تم اكتسابها.
ثالثاً: الشخصية القوية هي التي تستطيع أن تحيل ما اكتسبته من خبرات إلى سلوك ، فلا يكفي أن تخزن ما اكتسبته من فضائل في ذاكرتك بل ينبغي أن تحول هذه الخبرات إلى سلوك يومي في حياتك اليومية وفي علاقاتك بالآخرين..
رابعاً: إن الشخصية القوية يسير في حياته بأضلاع زمانية ثلاثية ، بمعنى أنه يترجم الحاضر في ضوء خبرات الماضي ، كما أنه يتنبأ بالمستقبل في ضوء خبرات الماضي ووقائع الحاضر ؛ فهو يعتمد على ذاكرته من جهة وذكائه من جهة ثانيه وتشوفه للمستقبل من جهة ثالثة.
خامساً: إن الشخصية القوية تنظر من الزاوية التي ينظر منها الآخرون ، لكنها تقيم الاعتبار للنسبية أو للزوايا الكثيرة التي ينظر منها الآخرون للشيء الواحد ، فهو يتعامل مع الآخرين على اعتبار معتقداتهم المتباينة ؛ فينظر للطفولة من زاوية الطفولة ، وللشيخوخة من زاوية الشيخوخة ، ويتعامل مع كل إنسان في ضوء الاعتبارات الخاصة بذلك ، وهذا لا يعني أنه يتلون مع كل تيار ولكنه فقط يأخذ في اعتباره الظروف والملابسات التي جعلت الآخرين يتباينون عنه..
سادساً: إن الشخصية القوية هي الشخصية القوية التي تتوائم مع المستويات الثلاثة في المجتمع ، فأنت قد تكون في أحد المواقف رئيساً وقد تكون في آخر مرؤوساً وقد تكون في غيرهما زميلاً ، فهل تستطيع أن تتوافق مع كل موقف تتواجد فيه..لقد لوحظ أن بعض المرؤوسين عندما يرقون في الوظائف الإشرافية لا يستطيعون أن يلعبوا الدور الرئاسي المطلوب منهم ، إلا أن من سمات قوة الشخصية التوائم مع الأوضاع الاجتماعية المختلفة..
سابعاً: هي الشخصية التي تترك أثراً وتلعب دوراً إيجابياً في الحياة ، فلقد تجد شخصية تفكر جيداً وتتحمس لأداء ما فكرت به ، ولكنها تعجز عن تنفيذ ما اعتزمت عليه ، فالشخصية القوية هي التي تترك أثراً مفيداً وواقعياً في حياة الناس..
من كتاب: الشخصية الناجحة
رد مع اقتباس
