وأما آخر الشهر فُيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوبالكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين منالنار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.
ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتباً على صيام رمضان وقيامه، أمرالله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال: تعالى وَلتُكمِلُوا العِدةَ وَلِتُكَبِرُوا اللّه عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَكُمتَشكُرُنَ[البقرة:185]. فشُكرُ من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه، ومغفرتهلهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.
يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار،أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيدعنها؟ !
فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق منالنار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمه: ( فاستكثروا فيه من أربعخصال: خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتانترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والإستغفار. وأما اللتان لا غناء لكمعنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار (
فهذه الخصال الأربع المذكورة في هذا الحديث كل منها سبب للعتق والمغفرة. فأماكلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محواً، ولا تبقي ذنباً، ولا يسبقها عمل،وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار. وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسبابالمغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعندفطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصيةمعقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبولعنه مسدود. وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي صلى عليه وسلم: {حولهما نُدَندنُ } [رواه أبو داود وابنماجة)